الجمعة، 30 سبتمبر 2016


المقال السابق او الحلقة الأولى كان خلاصة تجربة سنة من البحث والدراسة في الموضوع ... في خلال السنة انتقلت مع اهلي من مرحلة "انتم بتضيعوا مستقبل ولادكم" الي مرحلة المشاهدة الصامتة :) ... كل اللي سمع عن الموضوع ، كان رد فعلهم اني اخدت خطوة جريئة وفيها مخاطرة .... رغم ان الخطورة الأكبر كانت في استمرارنا في التعليم في المدارس المصري (طبعا انا اتكلم عن المدارس الخاصة مش الحكومة ... الحكومة خارج الحسبة اصلا) ...  الناس اعتادت ان تطمئن الي سلوك القطيع. يعني الناس بترتاح لما تعمل زي كل اللي حواليها ، حتى لو رايحين في التهلكة ... مش مهم ... المهم ماكنش لوحدي :) 

انا بصفة عامة ... ولأني رجل اعمال وصاحب بيزنس فعودت نفسي على اني افكر باستقلالية عن الناس المحيطة، ودا ساعدني جدا. على المستوى الشخصي، الموضوع ما كانش مخوفني اطلاقا ... على العكس كنت حاسس بأريحية وارتياح تجاه الموضوع رغم كل اللوم من حولي، التعليم في المدراس كان راعبني جدا ومخوفني على مستقبل الولاد... شايف ان التعليم المنزلي والخطة اللي بارسمها لولادي هاتديهم حرية اكبر في تنمية المناطق والمهارات التي يبرعون فيها وبالتالي هاتحررهم من فكرة المسار المحدد والمرسوم اللي بيرسمه التعليم المصري.
عندي بنتين وولد ... بنت في رابعة ابتدائي وبنت في ثانية وولد في KG1 ... احنا بدأنا التجربة مع البنات الأول. قولنا خلي الولد يروح المدرسة حتى اولى ابتدائي ، ولآننا غالبا كنا هانهمله واحنا بنواجه التجربة لأول مرة مع البنات

على الرغم من كوني مطمئن للخطوة الا ان زوجتي لم تكن على نفس الدرجة من الأرتياح للخطوة ، وقبيل الدراسة بأسبوعين توترت جدا ، لولا انها استقبلت دعم نفسي ومعنوي من بعض زملائها ... جاء في وقته تماما ... ولعله كان نتيجة استخارة صادقة.

بعد المقدمة المهمة دي ، هاتكلم عن 4 محاور رئيسية في تجربتنا خلال الفترة القصيرة دي (اسبوعين فقط)

 تقليل المخاطر

في البداية كان جزء من اقناع انفسنا (انا وزوجتى خاصة) بالتجربة كان ناشئ عن اتخاذنا لأكثر من  قرار احترازي يقلل من المخاطر وهي
1- سجلنا للأولاد في المدرسة واخبرنا ادارة المدرسة اننا سندرس من المنزل، ووافقت المدرسة على ان ندفع نصف المصاريف فقط. هذه الخطوة كانت من باب ان نترك لنا خط رجعة في العام المقبل ان لم نستطع الوفاء بالتزامات التعليم المنزلي
2- بعض المواد التي احترنا في كيفية دراستها ... سجلنا فيها للأولاد في درس خصوصي ... وكانت مادة واحدة فقط، وفي الغالب لن نأخذها بانتظام
3- قبيل الأمتحانات سنسجل للأولاد في دروس المراجعة، حتى يتجاوزوا الأمتحانات بسلاسة، ودون ان تتوتر زوجتي وحتى يخف الحمل من عليها
4- اقنعنا انفسنا اننا فعلا لانكترث بعدد الدرجات التي سيجمعها الأولاد في الأمتحانات. وان هدفنا انهم ينجحوا فقط. وانهم لن ينافسوا على اي مراكز دراسية في تعليم فقدنا الثفة فيه

التعاون مع من حولنا

مجرد ماعرفنا اللي حوالينا بتجربتنا بدأنا في تلقي مساعدات ... حماتي مهندسة شاطرة وهي اللي بتذاكر للبنتين الرياضيات. الأولاد ليهم خال مبرمج شاطر وبيتابع بنتي الكبيرة في موضوع البرمجة. اعطاها لعبة من google play بتعلم مبادئ ومفاهين البرمجة. وبنتي متفاعلة بشكل كبير مع اللعبة.  في اكتر من ام من امهات اصحاب البنات عاجباهم التجربة وبينسقوا مع زوجتي مجموعات للمذاكرة الجماعية.

 تجربة انواع مختلفة من التعليم

بدأنا قراءة في الأساليب التربوية في التدريس. انا شخصيا بدأت اقرأ في موضوع مستويات بلوم للتفكير واحاول اطبقها مع الأولاد. زوجتي شاطرة في موضوع ترتيب الرحلات واستطاعت في الأجازة ترتيب اكثر من رحلة علمية مع الأولاد. ايضا بدأت في تنفيذ التجارب العملية من كتب العلوم. بل وعمل تجارب عديدة من خارج المنهج . الأولاد كمان بيتعلموا زراعة. الأولاد كمان اصبحوا قادرين على المحافظة على مواعيد التمرين. .. سجلنا للأولاد في دورة عن ال lego robotics. من تصفحنا وبحثنا في الموضوع وضعنا خطة تدريب للصيف ، في خطتنا دورة عن تصوير الفيديو وادوات المونتاج ودورة عن الفوتوشوب. خضنا في الأسبوعين الماضيين تجارب عديدة وممتعة مع الأولاد. ... وحقا الأولاد مستمتعون ، واحس فيهم نشاط وهمة وعدم ملل من الدراسة. بنحاول نكسر فكرة ان الدراسة مزعجة وان الأجازة الصيفية ممتعة. بنعلمهم من الآن انهم يحبوا الحاجة اللي بيعملوها ويتعلموا الأستمتاع بيها. انا شخصيا باستمتع بشغلي لدرجة اني لااستطيع البعد عنه حتى في الأجازة. احاول ان اغرز هذا النموذج فيهم.

 استشراف المستقبل

كثير ممن يحاول تجربة التعليم المنزلي يشغل نفسه كثيرا بالمناهج. وفي رأيي ان تتبع نفس المنهج الذي كانوا يدرسونه وهم نظاميون في المدارس سواء كان نظاما امريكيا او انجليزيا او حكوميا او اي شئ اخر.  ... كما ذكرنا في الحلقة الأولى فإن التعليم المرن او المنزلي فلسفة اكثر منه خارطة طريق. فلسفة تستهدف معرفة مناطق القوة في اولادك  وتنميتها واكسابهم العديد من المهارات التي تمكنهم من حسن اختيار طريقهم في المستقبل. لا تخافوا من التجربة مع الأولاد.  انا سمعت مثلا عن الرياضيات في سنغافورة وهاجربه في الأجازة ان شاء الله


الخلاصة ...
ليس من الضروري في تجربة التعليم المنزلي ان تتبنى في خطوتك الأولى افضل التجارب حول العالم. اصنع لنفسك مسارا مبدئيا، هو حتما سيكون افضل من المسار المدرسي ، قم بتحسينه مع الوقت. استمتع بالتجربة ، فأنت تتعلم مع اولادك حرفيا

وقبل مانختم الحلقة الثانية اوجه الشكر لزوجتي العزيزة المتبنية للتجربة بصبر وثبات واجتهاد كبير ... وطبعا حماتي اللي بتذاكر رياضة للبنات وخال البنات (عمر) على دعمه ومساعدته في موضوع البرمجة 

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016


اعتدت ان اكتب ناقدا لأداء وزارة الأتصالات المصرية وتحديدا هيئة صناعة تكنولوجيا المعلومات فيها. بالطبع هذه المقالات كانت تأتي على هوى كثير من الناس، حتى من العاملين داخل الهيئة لأن قطاع تكنولوجيا المعلومات المصري اعتاد من الهيئة اداءً يفوق التوقعات، وجهدا مضنيا في دعمه، وبالفعل استطاع ان يحدث طفرة في هذه الصناعة في بداية الألفينات وحتى 2008.

هذه المرة يأتي مقالي ناقدا للشركات نفسها (تحديدا الصغيرة والمتوسطة) وليس للهيئة. ليس لأن الهيئة قامت بدورها المنوط بها، ولكن لأن المرحلة الحالية بتحدياتها الرهيبة، لايمكننا -كشركات صغيرة ومتوسطة- ان ننتظر فيها عملية انقاذ من الهيئة، وهي نفسها بحاجة الي من ينقذها !!!

هذه المرحلة تستدعي ان تفكر الشركات بشكل مستقل تماما عن اي برامج دعم من الهيئة او اي فرص في السوق المصري. مرحلة تستدعي الوقوف مع النفس والتفكير بشكل ابداعي والبحث عن حلول خارج الأطار المعتاد ... والأهم من ذلك كله ... الخروج من منطقة الراحة.  

حضرت العديد من المناقشات في غرفة صناعة تكنولوجيا والمعلومات، وبشكل فردي مع القائمين على الشركات واتابع احيانا مناقشاتهم على وسائل التواصل المختلفة. في رأيي ان معظم المناقشات ان لم يكن كلها تدور في فلك واحد، وهو البعد عن الحلول التي تأخذنا خارج منطقة الراحة.
 مبدئيا لا ادعي اني املك خارطة طريق لحل واضح المعالم لما اسميه "حل يخرج بنا من منطقة الراحة" ... لكن حتما كل ما اسمعه من حلول لن يؤدي الي شئ... ولعل الكثير منها قد تم تجربته مسبقا ايضا.

لو لاحظنا سنجد ان كل من يشارك في هذه المناقشات والأجتماعات هي الشركات التي لازالت تعاني وتستجدي النجدة من الهيئة ومن الغرفة. في حين ان هناك قطاع ليس بالقليل من الشركات الناشئة والمتوسطة والكبيرة لايشارك ابدا في هذه النقاشات وربما حتى لانسمع عنهم. وربما ايضا غير مسجلين في الهيئة ولا الغرفة ولا اتصال. ويعيشون في حالة جيدة ومنعزلين بشكل كبير عن مشاكل السوق المصري ... مش كدا ولا ايه ؟ :)

لو نظرتم مثلا في قائمة الشركات المرشحة لجايتكس 2016، غالبا هاتلاقيهم كلهم او معظمهم ليسوا من المشاركين في اجتماعاتنا ... 

يأتي اهتمامي بشكل رئيسي بمشاركة الشركات همومهم لأني خضت تجربة قاسية للخروج من منطقة الراحة واستطيع ان ادعي اني على اول خطوات النجاح بفضل الله. كل ما اردته هو ان اشارك ارائي وتجربتي مع زملائي ومع القائمين على هذا القطاع. 

احيانا كثيرة اشعر ان المواضيع التي تفتح للمناقشة في اجتماعتنا هي من باب التنفيس، واحساس اننا نحاول ونبذل جهدا ونجتهد في الوصول لحلول. ومعظم هذه الموضوعات هي اعراض لمشكلة رئيسية لها علاقة في جذورها بالوضع الأقتصادي والسياسي المتردي والمستمر في التردي دون بوادر حلول او بصيص امل في الأفق !
لا احد يملك تصورا او يستطيع ان يدعي انه يملك خارطة طريق لهذا الوضع. ومن ناحية اخرى فعلاج الأعراض لن يؤتي اي ثمرة ولن تجني منه سوى تضييع الوقت ومزيد من المحاولات الفاشلة.

الحل الوحيد يأتي في اطار الأستغناء عن السوق المصري كسوق يمكنك البيع فيه والتربح منه. والبحث عن بدائل في اكثر من سوق. حتى اسواق الخليج العربي، تحتاج الا يكون اعتمادك عليها كليا. وهذا كله يأتي كمرحلة لاحقة لمرحلة تقييم منتجاتك ومعرفة مايمكنه المنافسة عالميا فتقوم بالأستثمار فيه، ومالا يمكنه ذلك فتتخلص منه،  وهي خطوة جريئة وصعبة حتى على المستوى النفسي. 

مبادرة دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة MSE هي مبادرة عودت الشركات على (الأنتخة) والأسترخاء. تمويل يمكنه ان يعين شركة من فردين لمدة سنة ولايتطلب الكثير من العطاء وشروطه سهلة !!!

لقد لمست بنفسي شركات ناشئة (طلبة حديثي التخرج) نجحوا في خلال وقت قصير. فقط لأن عدتهم وعتادهم كان الأبداع والمثابرة. لايملكون تاريخا ولاخبرة فنية او سوقية ولاموظفين ولا رأس مال... فقط شريكين او ثلاثة اجتمعوا على فكرة مبدعة وثابروا في ابرازها والعمل عليها حتى اصبحوا يجوبون مكاتب العملاء داخل وخارج مصر.   في حين ان اصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة اعتادوا الجلوس على المكاتب والمعاملة كأصحاب شركات وارتبطوا عاطفيا بمنتجاتهم، والتي في اغلبها قد عفى عليه الزمن ولايمكن بيعه بشكل احترافي !

افيقوا يرحمكم الله ... ان كان من وصفة لهذه الأزمة فهي ان تجلسوا مع انفسكم وتعيدوا هيكلة منتجاتكم وخططكم ... حينها يمكنكم استقطاب تمويل حقيقي ... اجلسوا مع انفسكم وفرق عملكم بدلا من الجلوس في اجتماعات نشكوا فيها بؤس الوضع وضيق الحال.

افيقوا قبل ان تشيخوا

Subscribe to RSS Feed Follow me on Twitter!