الجمعة، 20 مارس 2009

TOP 30 COUNTRIES FOR OFFSHORE IT OUTSOURCING
قرأت تقرير خرج عن مؤسسة Gartner عن أعلى 30 دولة مصدرة لصناعة تكنولوجيا المعلومات. باعتباري صانع قرار ومؤسس في شركة تطوير برمجيات فأنظارنا داخل الشركة دائما ما تتوجه لتصدير هذه الصناعة ، حيث ان التصدير يضمن ربحية أكبر بالمقام الأول.
التقرير كان يتحدث عن صناعة تكنولوجيا المعلومات بوجه عام ولكني سأخص بالذكر صناعة البرمجيات وسأتحدث بالتحديد عنها في مصر.
جاء التقرير ليذكر أن الهند والصين هما أعلى دولتين في مجال تصدير صناعة تكنولوجيا المعلومات ، ثم ذكر أن هناك مايقرب من 72 دولة حول العالم يمكن اعتبارهم كأماكن مصدرة لهذه الصناعة ثم انتهى التقرير بتخصيص أعلى 30 دولة في هذه الصناعة.
المكسيك وبولندا و فيتنام كانوا الأبرز على القائمة وجدير بالذكر أن بولندا بدأت برامج الخصخصة في أواخر التسعينات ، والهند لم تبدأ نهضتها إلا في أوائل التسعينات.
جاءت الأزمة المالية وتدهور اسعار الأسهم العالمية بنتيجة مباشرة على هذه الصناعة حيث زادت عمليات صناعة البرمجيات بالوكالة Outsourcing في أوروبا بنسبة 60% وفي الولايات المتحدة بنحو 40% الأمر الذي يدل دلالة مباشرة على أن العامل الأساسي المحدد لهذه الصناعة هو التكلفة. لذلك كانت الأزمة المالية وعدم استقرار الأقتصاد العالمي في عام 2008 سببا في أن تتغير خارطة الدول المصنعة للبرمجيات ، ففي حين أن دولا مثل ايرلندا الشمالية ، وسيريلانكا وتركيا و أوروجواي قد خرجت من قائمة أعلى 30 دولة ، فإن دولا أخرى مثل مصر والمغرب وبنما وتايلاند قد دخلت في هذه القائمة مع ثبات الهند والصين على رأس القائمة.
الثقافة والحضارة واللغة من العوامل الأساسية في التقريب بين الدول وفي هذه الصناعة بالتحديد. إن تواجد أعداد رهيبة من المغاربة في فرنسا وتحدث كل الشعب المغربي الفرنسية بطلاقة ، بل إنها تتفوق في السنة الكثير من المغاربة على العربية ، جعل المغرب هي الملاذ الأول للشركات الفرنسية الباحثة عن شركاء عمل في مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات. الجدير بالذكر أنه في زيارتي الأخيرة لفرنسا فوجئت أن اللغة الثانية في فرنسا هي العربية وليست الأنجليزية وذلك لتواجد المغاربة والجزائريين بإعداد كبيرة هناك.

قائمة الدول الثلاثين جاءت كالآتي:
من الأمريكتين : الأرجنتين والبرازيل وكندا وتشيلي وكوستاريكا والمكسيك وبنما ، واللافت للنظر هو وجود كندا ضمن القائمة رغم ارتفاع مستوى الدخل هناك . مما يدل على انه بالرغم من التكلفة قد تلعب دورا كبيرا ومحوريا في هذه الصناعة إلا ان هناك عوامل أخرى.
من اسيا ودول الباسيفيك : استراليا والصين والهند وماليزيا ونيوزيلاند والباكستان والفلبين وسنغافوة وتايلاند وفيتنام.
من أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا EMEA : تشيك و مصر وهنغاريا و وايرلندا و اسرائيل والمغرب وبولندا ورومانيا وروسيا وجنوب أفريقيا واسبانيا واوكرانيا وسلوفاكيا.


تم تقييم هذه الدول واختيارهم بناء على عشرة عوامل هي الأهم في اختيار أي شركة لشريك يؤدي عنه العمل بالوكالة ، والعوامل هي:
1. اللغة.
2. الدعم الحكومي.
3. فريق العمل.
4. البنية التحتية.
5. نظام التعليم.
6. التكلفة.
7. البيئة السياسية والأقتصادية,
8. تقارب الثقافات.
9. الإستحقاق القانوني العالمي Global and legal maturity..
10. حقوق الملكية الفكرية والأمان والحماية والخصوصية.
هنا يأتي الجزء الأهم من هذا المقال وهو موقف مصر من هذه العوامل العشرة المذكورة أعلاه.
أولا : اللغة.
نسبة كثيرة من المصريين العاملين بهذا القطاع يتقنون اللغة الأنجليزية ، بل إن لكنة اللغة لدينا أفضل من الهند والصين بكثير ، وأرى ان هذا العامل في صالح مصر إن كان الحديث عن اللغة الأنجليزية. لكن الأمر لايقف عند اللغة الأنجليزية فقط، فأوروبا التي تعد العميل الأكبر لمصر لا يتحدث منهم اللغة الأنجليزية إلا انجلترا ، والباقي لغات متعددة قد تصل الي عشرين لغة. واللغة الأنجليزية ضعيفة جدا لدى هذه الشعوب وهم يعتزون جدا بلغتهم . لذلك فمن المحبذ جدا إذا كان هناك شركة مصرية تتعامل مع المانيا أن تتقن الألمانية وهكذا... لهذا السبب نرى أن المغرب قد استحوذت على جل أعمال هذا القطاع في فرنسا.
ثانيا: الدعم الحكومي. وزارة الأتصالات قامت بجهود كبيرة وانشأت أكثر من منظمة تابعة لها لتحسين صناعة المعلومات بمصر وكان منها ITIDA و SECC وكان من ضمن الجهود التي قامت بها: منح تدريبية للأفراد والشركات وحاضنات إلكترونية ودعم لحضور مؤتمرات عالمية وتمويل إلي غير ذلك ، وانا شخصيا قد استفدت من هذه الخدمات ، لذلك فأنا أرى أن اداء وزارة الأتصالات المصرية مرضي إلي حد كبير ، غير أن الأداء الحكومي لا يقف عند وزارة بعينها بل هو جهد متكامل متضافر ، فوزارة مثل الخارجية ادائها ضعيف متمثلا في الملحق التجاري للسفارات المصرية . لقد رأيت بنفسي الجهد الذي يقوم به الملحق التجاري لسفارة كوريا مثلا ، انه اداء متميز جدا يجب أن نقتدي به. اداء وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي ، حدث ولا حرج عن المستوى العلمي بل والنفسي لخريجي الجامعات المصرية...!!! لذلك فهذا العامل تتأرجح فيه الكفة بين أن يكون لصالح مصر أو عليها، إلا ان أغلب الظن انه سيكون عليها، والله أعلى و أعلم !!!...
ثالثا: فريق العمل.
وهو أمر داخلي بكل شركة ، فبالتأكيد حجم مالدى الشركة من عمالة مدربة وخبرات ومهارات تفاوضية سيؤثر جدا في تقييم الشركة ، وهو من العوامل الفيصلية التي قد ترشح شركة أو تستبعدها من العمل.
رابعا: البنية التحتية.
شبكة الطرق والمواصلات غير كافية والمتواجد حالته رديئة والطريق الدائري غير مكتمل ، والبنية التحتية للأتصالات لازالت غير كافية ، والأنترنت يمكن أن يكون أسرع من ذلك ، وأمور كثيرة أخرى.
في رأيي ان هناك اماكن كثيرة في مصر-غير القاهرة- يمكن ان تكون مناطق جاذبة لهذه الصناعة بل ومؤثرة عالميا فيها مثل الأسكندرية والمنصورة وأسيوط . نحتاج لأكثر من قرية ذكية في القاهرة وفي هذه البلاد ، ولا أعني بالقرية الذكية مبان زجاجية وانما اعني برامج تمويل وتشجيع وقوانين استثمار وبنى تحتية بالطبع.
خامسا: نظام التعليم.
حدث ولاحرج ، منظومة مهترئة من أولها لآخرها ، ولعل الخبرات التي اكتسبتها الشركات المصرية والعمالة المصرية في هذا المجال راجعة بنسبة كبيرة لجهود وزارة الأتصالات في هذا القطاع متمثلة في البرامج التدريبية والمنح والتي كان لها أكبر الأثر في تنمية هذه الصناعة. فهذه الجهود نجحت الي حد ما في مداواة بعض مما أمرضه وافسده نظام التعليم الحالي، إلا ان النجاح الكامل لا يتم إلا بتضافر الجهود ومهما بذلت وزارة الأتصالات من جهد فإنها لايمكن أن تحل محل وزارتي التعليم والتعليم العالي. هذا العامل ليس في مصلحة مصر على الأطلاق، صحيح ان خريجي الجامعات لدينا كثر ، إلا ان جودة ومستوى الخريج متدنية جدا.
سادسا: التكلفة.
عامل مهم جدا جدا . تكلفة الأيدي العاملة تلعب دورا محوريا في هذه الصناعة وهذا العامل يصب في مصلحة مصر بالطبع ، لا لشئ إلا لانخفاض مستوى الدخل وكون أكثر من ثلث الشعب المصري تحت خط الفقر.
ولكن هذا العامل ليس وحيدا في قوة التأثير وإلا لما رأينا دولا مثل كندا ونيوزلندا واستراليا يتصدرون القائمة.
سابعا: البيئة السياسية والأقتصادية.
يؤثران بشكل مباشر على الأمان الوظيفي وأمان الشركات ، فتغير قوانين الضرائب والأستثمار بشكل مفاجئ واحيانا بأثر رجعي يضعف من قدرة الأفراد والشركات على الأستثمار بل ويوهن ويضعف من أداء الكثير من الجهات الحكومية الأخرى مثل وزارة الأتصالات مثلا. ومانرى من تخبط رهيب في اداء وزارة المالية يشكل عاملا كبيرا في تراجع أي صناعة مصرية، وأرى ان هذا العامل في غير مصلحة مصر على الأطلاق.
ثامنا: تقارب الثقافات.
والمقصود به تقارب طرق التفاهم، أي أن كلمة أقولها في مصر قد تعني تنفيذ المهمة على الراحة في حين أن العميل قد فهمها أن التنفيذ سيتم بسرعة ، على سبيل المثال I will do my best قد تعني عند ثقافة I will Try في حين ان معناها عند ثقافة أخرى Consider it done . وأعتقد أنه ليس هناك فجوة كبيرة بيننا وبين أوروبا أو الولايات المتحدة في موضوع تقارب الثقافات ، وأرى ان هذا العامل قد يكون في صالح مصر.
تاسعا: الأستحقاق القانوني.
أداء المحاكم وسرعة الفصل في القضايا من العوامل المهمة ، ولاأدري إن كان هذا الأمر لصالح مصر أم عليها ، والعامل الأهم في القضاء بجانب حيادتيه هو سرعة التقاضي، وان تجنبنا الحديث عن الأولى، فالثانية ليست في مصلحته. عموما ليس لدي الخبرة الكافية لتغطية تفاصيل أخرى حول هذا العامل، ربما القراء لديهم شئ !!!!....
عاشرا: حقوق الملكية الفكرية والأمان والخصوصية.
بالتأكيد هذا العامل يخص الشركة وقدرتها على احترام حقوق الملكية الفكرية لعميله واسراره الخاصة إلي غير ذلك.

إذن فقد ناقشنا عشرة اسباب تؤثر بشكل مباشر على تصدير صناعة البرمجيات في مصر ، منها مايخص الشركات والأفراد القائمين عليها، ومنها مايخص الحكومات ، ومنها ما يخص الشعوب. وقد جاءت معظم الأسباب متعلقة بالأداء الحكومي ، لذلك فالأداء الحكومي هو العامل الأكبر في نجاح هذه الصناعة وليس هذا تهرب من مسئولية الشركات تجاه هذه الصناعة ولكنه الواقع الذي يفرض نفسه أو على الأقل كما أراه انا.
مع تمنياتي لمصرنا الحبيبة ولحكومتها بدوام التوفيق والسداد.
Subscribe to RSS Feed Follow me on Twitter!