الثلاثاء، 5 أبريل 2016


بقالي فترة طويلة بتابع التعليم المرن، واقرأ عن تربية الأولاد وتنشأتهم وعن ذكاء الأطفال. مؤخرا بدأت فعلا افكر في تطبيق تجربة التعليم المنزلي مع اولادي، ومع خروج الأمر من نطاق النية والرغبة الي نطاق العزم، بدأت استطلع الأمر بشكل اكبر واقابل من له تجارب واسمع منهم ... في خلال مجموعة من الحلقات -ان شاء الله- احاول ان اسرد لكم تجربتي واوثقها لنفسي ايضا

بداية هاتكلم عن شوية اساسيات معظم المهتمين بالتعليم المرن يعرفوها، لكن المستجدون في الأمر بحاجة اليها.


اولا: ليه التعليم المرن ... سواء داخل مصر او خارجها

  • التعليم عامة في كل العالم لا يراعي المزايا النسبية لكل طفل ولا يستوعب فكرة ان للذكاء انواع والأطفال تولد فطريا بذكاء متقد في نوع ما (سأتحدث في حلقة قادمة عن انواع الذكاء)   ... لك ان تعلم ان التعليم المنزلي بدأ ينتشر في دول تصنف عالميا انها من الأفضل في انظمة التعليم مثل الدانمارك مثلا ! .... لماذا ؟ ... لأن اي تعليم نظامي لايراعي الفروق بين الطلاب ، حيث ان اصغر الفصول الدراسية يحوي على الأقل 20 طالبا.
  • التعليم المصري بصفة خاصة "فيه سم قاتل" ... فهو يطفئ نور الأطفال، نور الحماس والشغف لتجربة كل جديد. ويعلمه المنافسة الغير شريفة ويزرع فيه خصال سيئة كاستباحة الغش والغيرة المرضية والرغبة في القهر كرد فعل عن القهر والقمع الذي يتعرض له
  • التعليم المصري لا هوية له ... لا لغة عربية ولا تعاليم دين
  • الفساد في التعليم المصري غير مرتبط فقط بالمناخ بل بالمحتوي التعليمي ايضا ! فتعليم العربية منهار والتاريخ مزيف ومافيش تربية دينية من الأساس ، هذا  فقط على سبيل المثال لا الحصر
بالطبع هذا ليس حكرا فقط على التعليم الحكومي لكنه ممتد بنسب واشكال مختلفة لكل انواع التعليم في مصر. في المدارس الخاصة الوضع افضل نسبيا لكن تظل المحصلة في النهاية طفل مشوه الأدراك والوعي واحيانا كثيرة ...الأخلاق !

لذلك ارى ان التعليم المنزلي في مصر اصبح حاجة ضرورية لنجنب ابنائنا تشوه الوعي وفقدان الذات وفساد الفكر

عندي بنتين في مرحلة التعليم الأساسي ... الأكبر (اسيل) تحب العلوم، لكن تستغرق وقت في الفهم، تحب ان تأخذ الأمور بهدوء وبشكل سلس... على الرغم من سماتها الشخصية المميزة تلك الا ان نتائجها في المدرسة ليست بقدر امكانياتها ، وذلك بسبب بطئها.
البنت الصغرى تفهم بسرعة لكنها غير محبة للعلوم ومتمردة ودائما نتائجها اقل من مستواها بسبب تمردها على الواجبات المنزلية.
البنتين في مدرسة تاجان في التجمع الخامس ، وهي مدرسة ازهرية ورائعة ... التربية وغرس المبادئ والهوية الأسلامية من سمات المدرسة. غالية شوية (13000) في السنة. ... طب فين المشكلة ما الدنيا عندك زي الفل .
كما ذكرت ان المدارس بصفة عامة في اي مكان في الدنيا لاقدرة لديها على اكتشاف مواهب الأطفال وتنميتها ، لأن الفصل لايقل عدده عن 20 طالب. من ناحية تانية نظام التعليم المصري القائم على التلقين والحفظ وتقييم الطلاب على مدى قدرتهم على فعل ذلك متجذر في كل مدارس مصر. حاجة اخيرة : المدرسين اللي بيدرسوا في الفصول هم خريجي الجامعات المصرية، اللي معظمهم مستواه ضعيف تربويا وعلميا.

من ناحية اخرى طموحي لآولادي يتجاوز بكثير ما يمكن ان يقدمه التعليم المصري او حتى اي تعليم في الدنيا. انا عاوز اهيئ ليهم جو التعلم واتركهم يختاروا طريقهم بنفسهم من اول يوم


ثانيا ... اشكال وانماط التعليم المنزلي:

  • الغاء المدرسة واستبدالها بدروس خصوصية .... ودا في نظري استبدال للكابوس الأسود بكابوس رمادي، او تغيير شكل التفاصيل داخل الكابوس !
  • الغاء المدرسة وانتحال الأبوين لشخصيات المدرسين ... كابوس ايضا تختلف حدته وعنفه بقدر هدوء اعصاب الأبوين ومقدار وعيهم !
  • الغاء المدرسة واتاحة الجو المناسب لعملية التعليم التلقائي والذاتي والبحث في كيفية اكتشاف الميزة النسبية عند كل طفل ونوع الذكاء الذي يتميز به وتوفير الجو المناسب لتنية تلك المميزات النسبية
فلسفة التعليم المنزلي قائمة على فكرة ان التعليم عملية فطرية وتلقائية . يعني الأنسان في طبيعته حب اكتساب المعرفة وبنائها والبحث عنها. وكل انسان ربنا حباه بمميزات فطرية في الأبداع والأبتكار. انا عن نفسي باستغرب الناس اللي بتألف سيمفونيات، ازاي مخهم عمل التراكيب دي. في دراسات بتقول ان ده نوع من انواع الذكاء ويوجد في الأنسان بشكل فطري. انا شخصيا مقتنع بالكلام دا من واقع مراقبتي لآولادي . نفس النشئة لكن اهتمامات وقدرات مختلفة. حتما لابد ان هناك ميزات نسبية في الجينات متعلقه بالفهم والأدراك تميز كل انسان.
التعليم المرن او المنزلي في جوهره قايم على فكرة اننا نهيئ الجو المناسب لآولادنا عشان يكتشفوا ميزاتهم النسبية ونكتشفها معاهم!

بمعنى اخر التعليم المنزلي قائم بالأساس على ابتكار عملية تعلم تلقائية بغض النظر عن شكل المادة العلمية.
 بنأكد على دا عشان في ناس بتفكر فيه من منظور المادة العلمية فقط. هي جزء من عملية التعلم ، لكنها ليست الأهم


ثالثا ...ليه بنخاف من التجربة

  • بصفة رئيسية بنخاف من قدرتنا على الألتزام في تعليم الأولاد والألتزام بالقرب منهم دائما. كنتيجة لهذا الأمر عقلنا اللاواعي بيبدأ -وبمنتهى السهولة- في استنباط اسباب اخرى للخوف من التجربة وتبرير الأنسحاب منها مثل
  • ادعاء الخوف من عزل الأولاد اجتماعيا والرغبة في تعريضهم لمواقف تصقل شخصياتهم وتزيد وعيهم بالحياة في صورتها الحقيقية.... (سنرد على هذا)
  • الخوف من تحمل مسئولية تحمل اي قرارات خاطئة في مستقبل الأولاد ... وفي نظري الأستمرار في التعليم المصري النظامي سواء حكومي او خاص هو ليس مخاطرة فقط بل جريمة سيحاسبنا الله عليها. 
  • الخوف من فكرة هانعمل ايه في ثانوي والجامعة !
واحدة واحدة نناقش هذا المخاوف.
الخوف من المسئولية والألتزام ... مبدئيا دي علامة ايجابية في الأول، ولو التزمت فعلا بمفهوم وروح التعليم المرن هاتلاقي الموضوع سهل. يكفي فقط ساعتين يوميا من الدراسة في المواد النظامية الأعتيادية، وبقية اليوم في انشطة وورش عمل ولعب تعليمية سيقبل عليها الأولاد ويتبنوها بحب. ... ومن كلام الناس اللي مارست هذا النوع من التعليم، فالنتائج في اولادهم مبهرة، والموضوع كان صعب في اول سنة لكنه مريح جدا الآن. بالعكس الأبوين هايستمتعوا مع الأولاد كمان
 اما لو حولت البيت لمدرسة ففعلا الموضوع هايكون صعب جدا.
مش منطقي ابدا ان اولاد في ابتدائي يبقي قاعدين بيذاكروا ويحلو واجبات طول اليوم. بالعكس تماما ... في الدول المحترمة المدرسة للتعلم والبيت لأي نشاط تاني غير المذاكرة
من ناحية تانية ، انت هاتتعلموا كأب وام ، انكم تعلموا ولادكم تحمل المسئولية، وهاترتبوا جداول مذاكرة وانشطة للأولاد ، وهاتبدأوا تراقبوا تقدم المستوى العلمي للأولاد والصحة النفسية لهم.

الخوف من العزل الأجتماعي .... انا في خطتي مجموعة برامج من ورش عمل ورحلات كفيله بالتغلب على هذا الأمر. وزوجتي بقالها فعلا سنة بتمارس الأنشطة دي مع الأولاد وشايفينها بديل جيد ومناسب. دا ركن اساسي من اركان نجاح التعليم المنزلي.  انا شخصيا شايف اني لو التزمت بخطة التعليم المنزلي ، هاخلي الأولاد يبدأوا شغل بأجر من اول المرحلة الأعدادية، ودي ليها افكار كتير، ودي فعلا هاتمثل خبرة حياتية حقيقية مش الوهم الذي نتعلق به في المدارس
من ناحية تانية جهز نفسك لعاصفة عنيفة من الأنتقادات الحادة من اهلك واهل زوجتك.  في دي بقى انت وشطارتك :)

مصير الأولاد ... طب بفرض اننا نجحنا في تربية طفل متميز علميا ونفسيا، هايخش جامعة ازاي ولا هايعمل ايه في دنياه ... دي ليها حلول كتير ، منها انك تسجل ولادك في مدرسة حكومية وتحولهم منازل... ولو ركزت فقط على انهم ينجحوا فانت مش محتاج غير انك تذاكرلهم مواد المدرسة او تديهم درس قبل الأمتحانات بشهر وخلاص. في ثانوي يكون الموضوع فيه شوية تركيز اكتر. دا حل.
فيه حلول اخرى مكلفة شوية ، زي انك تمتحنهم في الدبلومة الأمريكية مثلا .... في اعتقادي الموضوع دا مش مشكلة كبيرة وهايكون ليها حلول كتير


رابعا ... اصحاب الخبرة.
ماقدرتش اوصل لناس كتير طبقت الموضوع. وصلت لشخص واحد، بيشكر فيه جدا. كان اهم حاجة لفتت نظري في كلامه، انه لمس مدى تميز اولاده عن اقرانهم في ورش العمل، مش بس كدا ، دا المشرفين على الورض بيلحظوا تميز اولاده وبيسألوه هما في اي مدارس :)
جروب التعليم المرن فيه مجموعة تجارب ايضا يحسن الأطلاع عليها.




Subscribe to RSS Feed Follow me on Twitter!