السبت، 2 أغسطس 2014




كل الدول التي نهضت في العقد الأخير، نهضت بسبب السياسات التي تبنتها وشجعت من خلالها على ريادة الأعمال. في الدول العربية يواجه رواد الأعمال تحديات وصعوبات كبيرة غير تلك المتعلقة بالسوق والتسويق وبناء فرق العمل. انها تلك الصعوبات المتعلقة بتقصير حكومات تلك الدول في اداء واجباتها. هذا المقال يسعى لرفع الوعي لدى رواد الأعمال في دور حكوماتهم العربية لتسهيل عملهم وتجربتهم.
ساتحدث هنا عن 6 عوامل اراها من خلال تجربتي الشخصية من اهم العوامل الداعمة لريادة الأعمال والتي يقع تنفيذها وتيسيرها على عاتق الحكومة. وارجو من القارئ الا يبخل علينا بتجربته في التعليق على هذا المقال حتى تعم الفائدة:
1-      التعليم الجامعي.
2-      التيسيرات الحكومية
3-      اسواق المال
4-      دعم شراء المنتجات المحلية.
5-      انشاء وحدات للدعم والبحث في احصائيات السوق.
6-      دور السفارات والقنصليات.

رغم ان الستة عومل المذكروة هي من صميم دور الحكومات الا أن المعني الأول من هذه التوصيات هو رواد الأعمال، فليس متوقعا لأي حكومة ان تستجيب لتوصيات دون الضغط عليها. فالمقال يهدف في المقام الأول الي تعريف رواد الأعمال بأدوار حكوماتهم حتى يمارسوا الضغط عليها لتنفيذها.

اولا: التعليم الجامعي.
كثيرمن تجارب ريادة الأعمال تنشأ في الكليات حيث الشباب الحالم الذي لم يصطدم بعد بتعقيدات الحياة. وكثير من هذه التجارب يحكم عليها بالفشل حال التخرج، بعد ان يتلقى اصحابها جرعة من الأحباطات في جامعاتهم!. وفي رأيي فإن هذا عائد لعدة امور:
·         كثير من اعضاء هيئة التدريس لازال يعيش على مناهج فقدت اهميتها واصبحت من تاريخ العلوم، واكثرهم ينتهج طرق نمطية في التدريس، ولايريد ان يبدع او ان يجدد، فيقتل بذلك حب العلم والبحث والشغف بالمعرفة. في حين ان كثيرا من الطلاب اصبح يستطلع مواقع المعرفة مفتوحة المصدر مثل coursera ويعلم جيدا ما يدرس في جامعات الغرب وكيف يدرس.
على الطلبة وخصوصا من كان منهم صاحب تجربة ريادة اعمال ان يمارس نوعا
من الضغوط على كلياتهم لتحديث المناهج وطرق التدريس.
·         كل الكليات العملية تدرس مادة ادبية ( او غير تهخصصية) كل سنة، وعادة ما يتم اهمال تلك المادة واختيارها بعشوائية. لماذا لاتكون هذه المادة عبر سنوات الدراسة لها علاقة بمجال ريادة الأعمال وتحفز الحوار مع الطلاب وتجذب اهتمامهم. مثال على تلك المواد:
o        مبادئ التسويق.
o        مبادئ التمويل للأفراد والشركات.
o        مبادئ المحاسبة.
o        مبادئ الأقتصاد.
o        اعداد خطط العمل.
o        التفكير الأبداعي...
.... الخ
·         كثير من الكليات العملية في الدول العربية وخاصة الفقيرة منها، تدرس المواد العملية بشكل نظري، نتيجة لضعف المعامل او انعدامها في احيان اخرى. ربما يكون في ذلك فرصة، حيث يمكن للكليات ان تعرض على الطلاب مشاركتها في رؤية تطوير المعامل وصيانتها. كثير من الطلاب قد يكون له علاقات او مهارات في هذه الأمور.



ثانيا: التيسيرات الحكومية.
تأتي التيسيرات الحكومية على رأس تلك العوامل المتعلقة بالدولة والمؤثرة بشكل مباشر في بيئة رياة الأعمال. احد اهم عوامل قياس البيئة الآستثمارية في اي دولة هو عامل سهولة اجراء اعمال Ease of doing business factor وهو عامل انشأه منظمة البنك الدولي ويتحدد من خلال السياسات الضريبية للدولة ومدى تعقيد الاجراءات اللازمة لإنشاء شركة او كيان تجاري في هذه الدولة (سجل تجاري، بطاقة ضريبية).

لمعرفة المزيد عن عامل (سهولة اجراء الأعمال)، يمكنك زيارة الرابط. http://en.wikipedia.org/wiki/Ease_of_doing_business_index
لمعرفة قيمة هذا العامل لكل دولة، يمكنك زيارة الرابط. http://data.worldbank.org/indicator/IC.BUS.EASE.XQ
لمعرفة تفاصيل العوامل المكونة لهذا العامل لكل دولة، يمكنك زيارة الرابط http://www.doingbusiness.org/rankings

عادة مايكون الرابط بين رواد الأعمال وبين الحكومة من خلال النقابات والهيئات والغرف، واحيانا بشكل مباشر من خلال وزارات الصناعة والتجارة والاستثمار والاتصالات. من المهم لرواد الأعمال الحصول على امتيازات ضريبية وتسهيلات وامتيازات في الخمس سنوات الأولى من انشاء شركتها على سبيل المثال. من المهم ايضا لرائد الآعمال ان يكون ملما بتلك الآمتيازات، وان يحضر ويواظب على حضور المؤتمرات والندوات المرتبطة برفع الوعي في هذه الأمور، وعليه ان يكون جريئا في طرح افكاره حول تحسين بنية الخدمات الحكومية وتطويرها ومايقابله فيها من مشاكل وتحديات.

ثالثا: اسواق المال.
احد اهم عوامل نهضة دول مثل امريكا وكندا وكوريا الجنوبية هو وجود بورصة الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تعد احد اهم مصادر  التمويل لرواد الأعمال. هذه البورصات لاتتطلب حد ادنى من  رأس المال ولا عدد ميزانيات محدد، وانما يكفي ان يكون لك خطة عمل جيدة.
بورصة النيل في مصر  Nilex ، هي الوحيدة من نوعها في الشرق الأوسط منذ عام 2008، غير انها متعثرة جدا (بكل ماتحمل جدا من معنى)  بسبب الأحداث السياسية الغير المستقرة، غير اني ارجوا انها ستكون قاطرة لنهضة مصر في حال استقرت الأمور السياسية في مصر، وتولى مصر حكومة واعية منتخبة تسعى لمصالح الشعب.
نرجو من الدول العربية ان تتبنى مثل هذه التجربة. واعتقد ان دول النفط والغاز يمكنها التعويل على مثل هذه التجربة لاستقطاب الاستثمار الغير مرتبط بصناعات البترول.
احد اهم اسواق المال الواعدة للشركات الصغيرة والمتوسطة هي:
·         بورصة تورنتو TMX  في كندا
·         بورصة لندن AIM
رابعا: دعم التعامل الحكومي والرسمي مع الشركات الصغيرة والمتوسطة.
عقدة الخواجة هي واحدة من اهم تحديات رواد الأعمال، فعلى المستوى الحكومي والقطاع الخاص  وحتى الشعبي نجد ان الناس في الدول العربية تفضل التعامل مع منتجات شركات اجنبية (تحديدا امريكية او اوروبية) عن التعامل مع نظير محلي. في كثير من الآحيان يتم دفع مبالغ طائلة في منتج له نظير محلي من باب عدم الرغبة في تجربة شئ جديد او عدم الثقة في جودة المنتج المحلي.
كثير من الدول لديها تشريعات تحمي وتحفز الصناعة المحلية، غير انها في كثير من الأحيان يتم تجاهل هذه التشريعات. لدينا في مصر تشريعات تعطيك اولوية في المناقصات ان كان منتجك مصنع محليا، كذلك هناك امتيازات اخرى حال كونك شركة صغيرة، وكلها معطلة ويتم تجاهلها.
 لذلك على رائد الأعمال ان يكون ملما بتلك التشريعات وان يطالب بحقه فيه، وان يدافع عنها بشراسة. بالطبع فضلا عن المطالبة بتحسين هذه التشريعات وسن المزيد منها.
 
خامسا: انشاء وحدات للدعم والبحث في احصائيات السوق.
من المهم لرواد الأعمال في تخصص ما ان يكون لهم هيئات او نقابات او غرف تدعمهم بمعلومات واحصائيات عن حجم السوق وحجم الطلب والمنافسة والفرص المتاحة، والتوجهات الحكومية، ...الخ.
في مصر مثلا نجد هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات  تقوم (او كانت تقوم) بدور لابأس به في تحفيز ريادة  الأعمال في مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات. جمعية اتصال  لها دور ايضا لا بأس به. غير اني اظن ان هذه المؤسسات قد اصابها الترهل، وان معظم  اعضائها وقياداتها يعملون في منطقة الراحة، ويخططون وينفذون وهم في المكاتب المكيفة دون الأستماع للشركات ومواجهتهم. لعل هذا ايضا هو احد نتائج الأوضاع السياسية المتردية وانخفاض الروح المعنوية في مصر بصفة عامة.

سادسا: دور السفارات والقنصليات.
يقتصر دور السفارات والقنصليات للدول العربية على العمل الدبلوماسي بشكل رئيسي، في حين ان كثير من دول العالم يتعدى دور قنصلياتها ذلك الدور بكثير، فتقوم بابحاث سوق في الدولة المضيفة واحيانا ايضا التنسيق لمواعيد بين رجال الصناعة في بلدها والبلد المضيف. هذا الدور منعدم تماما في مصر!

اخيرا، فإن العولمة والأنترنت وانفتاح الأسواق فتحت لرود الأعمال افاق جديدة وجعلت المنافسة اكبر، ورفعت توقعات العملاء جدا.
 في وسط هذه البيئة الصعبة، لابد لرائد الأعمال ان يتسم بالجرأة والقدرة على المخاطرة، ومعرفة الأمتيازات التي يمكنه الحصول عليها من حكومة دولته. عليه ان يستمر في الضغط على حكومته. علينا جميعا ان نغير ثقافة المنصب الرفيع في حكومة دولنا العربية من كونه منصب للقوة والأمر والنهي وللمغنم، الي كونه منصب للمغرم وللشقاء، منصب يعرض صاحبه للنقد الدائم. وهذا لن يكون الا بضغط رواد الأعمال واصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة واستمرار الضغط.
سأحاول في تدوينة قادمة ان اعرض بعض وسائل الضغط على الحكومات. اتمنى ان تساعدوني بأسهاماتكم ومقترحاتكم في هذا الموضوع في التعليقات.

0 comments:

إرسال تعليق

Subscribe to RSS Feed Follow me on Twitter!