السبت، 25 أكتوبر 2014

كمحلل اعمال Business analyst  (تعريف اول، تعريف ثان) داخل شركتي، كان دائما ما يشغلني الكيفية التي يتم بها توثيق احتياجات العميل او كتابة الــ Requirement document . كل مرة ندخل فيها في مشروع جديد تترائى امامي المقولة القائلة:
افضل وثيقة احتياجات تمثل -على احسن الأحوال- 80% من احتياجات العميل النهائية
The Best ever written requirement document represents 80% of customer's needs
وتظل تترائي امامي طيلة الوقت، واذكرها مرارا وتكرارا امام العميل المرتقب، حتى انه قد يفزع من العمل معي ويتراجع، وقد حدث ذلك معي مسبقا اكثر من مرة. !!!

على المستوى الشخصي وفي بداية مشواري المهني، وبعد ان قضيت فترة قصيرة كمبرمج وانتقلت بعدها للتحليل، كنت الجأ للتواصل مع العميل متحدثا ومناقشا حول احتياجاته، ونقسم احتياجاته الي منظومات، ونكتب ما استطعنا ان نكتبه فيما قد لايتجاوز 3 صفحات او حتى سطور قليلة عن كل منظومة، ومن ثم نتعاقد، ثم نبدأ في عملية التحليل التفصيلية برسم واجهات الأستخدام مباشرة. 
بالطبع هذه طريقة بدائية جدا وتفتقر الي المنهج العلمي، لذلك كنا دائما نصطدم بأن النظام الذي توقعنا الا يتعدى توثيقه ال50 صفحة قد تجاوز ال 200 ، ولازالت الأحتياجات تتوالى كلما خرج جزء من البرنامج للنور، وان الميزانية التي رصدت قد تصل الي الي اقل من نصف التكلفة الحقيقية وان خسارتنا قد تتجاوز ال 300% في هذا المشروع !!! 
ومن يعمل بشكل عشوائي غير ممنهج، من الطبيعي ان ينتهي به الأمر قائلا "مفيش ... مفيش ...مفيش"  لينهار المشروع ونخسر العميل وجزء من سمعتنا !!!

من ناحية اخرى تصطدم بتعقيدات منهج الــ CMMI الذي يصعب ان تتبناه في اي مشروع في الشرق الأوسط، رغم ان كثير من المناقصات الحكومية تشترط مستوى اعلى من 3 فيه، مما يوحي انهم يريدون الألتزام بمنهج سليم، الا ان ذلك لا يكاد يجاوز الورق الذي كتب عليه.

منذ عام 2010 ظهر لنا طريقة (سيناريو الحوار) وبدأنا في استخدامها فعلا، في البداية كنت متشككا من جدواها، فهي تبدو بسيطة جدا، ونحن كنا في انتظار اختراع جوهري يحل مشاكلنا، لكن كثيرا ما تكون الحلول البسيطة امامنا، ونتجاهلها لبساطتها... الولايات المتحدة صرفت ملايين الدولارات لاختراع قلم حبر يمكنه العمل في الفضاء مع انعدام الجاذبية، في حين استخدمت روسيا القلم الرصاص ... هكذا ببساطة.
منذ ان بدأت استخدم هذه الطريقة في صياغة الأحتياجات الأولية، او صياغة رؤية المشروع،  وانا احس انها كالسحر. لا ادعي انها حلت المشكلة تماما، ولكنها قربت وجهات النظر وبشكل كبير جدا بين اطراف المشروع.
اسلوب القصص يأسر النفس البشرية منذ ان خلق الله الأنسان، وكل الكتب السماوية مليئة بالقصص !!!

عملية التحليل في النهاية ماهي الا محاولة المحلل ان يستشف ويتخيل الصورة الذهنية للنظام والموجودة في ذهن العميل، ثم بعد ان يفهمها ويوثقها ، يحاول المحلل بدوره ان ينقل الصورة الذهنية التي في ذهنه الي مخيلة العميل وذهنه، ليتأكد انهما لديهما نفس التصور، ثم يقوم المحلل بدوره الي نقل تلك الصورة الي فريق العمل ليقوم ببنائها. لذلك كان حجم التباين فيها كبير، لأنها صور ذهنية تنتقل من دماغ وفكر لآخر.
دعنا نتخيل اننا سنكتب سيناريو ونخرج فيلما لقصة الحب المأساوية (تيتانك) ، اخترت هذا الفيلم، لأني اعتقد ان قصته على الأقل لن تكون غائبة عن القارئ حتى لو لم يشاهده.
القصة تدور في اطار قصة حب بين صعلوك وامرأة ارستقراطية على ظهر مركب فخم، لتنتهي قصة الحب نهاية مؤلمة مليئة بالتضحيات.
كل قصة لها بداية حيث تتشكل الشخصيات وتجتمع لتنسج خيوط القصة، ثم متن، حيث تبدأ الأحداث المثيرة كنتيجة عن تشابك الشخصيات وتفاعلها، ثم النهاية. سأكتب مثلا فقط عن كيفية صياغة سيناريو الحوار لمرحلة البداية
البداية بها عدة ملاحم (جمع ملحمة)
1- ملحمة للتعرف على نشأة الصعلوك والمجتمع الذي يعيش فيه.
2- ملحمة للتعرف على نشأة المرأة الأستقراطية، وزواجها من صاحب المال والنفوذ.
3- ملحمة اخيرة توضح كيف سيجتمع الأثنان على السفينة.

ثم تبدأ مرحلة تحليل كل ملحمة الي مشاهد تحوي  سيناريوهات.
سأكتفي بتحليل الملحمة الأولى والتي توضح نشأة الصعلوك:
1.1 مشهد للصعلوك وهو في مكان عمله المتواضع، حيث تبدأ شخصيات اخرى في التفاعل مثل المديره والزبائن.
1.2 مشهد لمشادة كلامية بين الصعلوك ومديره وتتطور الي تدافع بالأيدي ومعركة.

1.3 مشهد بين الصعلوك ورفيق غرفته وهما يتحدثان عن الهروب من البلدة من خلال المركب.
وهكذا يتم صياغة القصة واخراجها من خلال ملاحم، تقسم الي مشاهد تحوي حوارا يبني الأنفعالات ويثير الأحاسيس.

دعنا الآن نسقط هذا المثال على واقعنا البرمجي. شركة تريد بناء نظام لإدارة مواردها البشرية HR. النظام سيحوي المناطق الوظيفية الآتية: شئون موظفين، اجازات، حضور وانصراف، مرتبات.
يمكننا صياغة الملاحم الآتية تحت منظومة شئون الموظفين:
1- كمدير لشئون الموارد البشرية اريد ان اطلع على احصائيات ديموغرافية عن الموظفين، الأمر الذي سيساعد في تحسين كفاءة ادارتهم.
2- كمدير  لشئون الموارد البشرية اريد ان اطلع على احصائيات بخصوص عدد افراد كل قسم، و الأماكن الشاغرة فيه.
المحلمة الأولى سيندرج تحتها العديد من السيناريوهات مثل:
1- كمسئول عن شئون الموظفين personnel استطيع ان ادخل بيانات الموظف والتي تشمل اسمه وميلاده وعنوانه، ...الخ.
2- كمسئول عن شئون الموظفين استطيع ان احدد الموقف التجنيدي لكل فرد.
3- كمسئول عن شئون الموظفين استطيع ان احدد الموقف العائلي وان ادخل بيانات العائلة، ان وجدت.
وهكذا...

في مفهوم سيناريو الحوار يتم التعامل مع كل الآحتياجات في صورة مواقف يقوم بها اشخاص لغرض معين، واهم مايميزها انها بسيطة بحيث يستطيع ان يتفاعل معها العميل، واحترافية بحيث يستطيع ان يتعامل معها فريق العمل، كما انها تجنب الشركة المنفذة للمشروع الدخول في تفاصيل الاحتياجات الوظيفية في المراحل الأولى من المشروع.

غرق السفينة تيتانك كان ملحمة حوت العديد من المشاهد التي تضمنت العديد من السيناريوهات.
مشهد الأقتراب من الجبل الجليدي، والحوار الذي يدور في كابينة القيادة، والغرض منه رفع حالة الحماس والأثارة لدى المشاهد.
مشهد الأصطدام والذي بدوره حوى عدة مشاهد لأثر هذا الأصطدام في كل ارجاء السفينة.
مشاهد اندفاع المياه، مشاهد الهروب، مشهد انقلاب السفينة ...الخ
كل مشهد يحوي سيناريو له دور في توجيه مشاعر المشاهد والأستيلاء على احاسيسه. !!!
هكذا يتم صياغة النظام في صورة سيناريوهات تتحول الي خصائص، والتي بدورها تتحول الي مهام برمجية.
هذا المقال كان فقط للحديث عن مفهوم سيناريو الحوار، ولم يكن تعليميا.
لمعرفة تفاصيل اكثر (بغرض التعلم) ، فيما يلي بعض روابط الفيديو التي تشرح الأمر بشكل علمي وعملي
- سيناريو الحوار المحاضرة الأولى (نشأته وماهيته): كيف نشأت فكرة سيناريو الحوار او سيناريو المستخدمين ، كلغة بسيطة يستطيع ان يفهمها العميل واحترافية بشكل كافي ليتعامل بها المحلل وفريق العمل البرمجي. ما هو سيناريو الحوار. وكيف يتم صياغته.
- سيناريو الحوار المحاضرة الثانية (كيفية صياغته، ومواصفاته): كيف تتم صياغته، وما هو دور الورق اللاصق في تنظيمه، وما هي مواصفاته، ومجموعة توصيات اخرى.
- سيناريو الحوار المحاضرة الثالثة (تصنيف السيناريوهات): كيف يتم تصنيف السيناريوهات وماهي الملاحم، وماهي مناطق العمل.

الاثنين، 13 أكتوبر 2014

حين اجلس مع زملاء العمل من حديثي التخرج او حتى ممن لازالوا في مراحل الدراسة الجامعية ولديهم مشاريع ريادية واحلام مهنية رائعة، حين نجلس سويا لنتناقش حول جدوى مشاريعهم، اجد فجوة كبيرة لديهم في بعض علوم الأدارة والتسويق ودراسات الجدوى، رغم انها كلها علوم يمكن الألمام بمبادئها في وقت قصير. انا شخصيا ممرت بتلك المرحلة. وارى ان هذه العلوم يمكن تحصيلها والألمام بمبادئها في سنين الدراسة.

من ناحية اخرى حين اعود بالذاكرة الي سنوات الكلية، اجد انه دائما في كل سنة دراسية، كان هناك مادة غير تابعة للتخصص، لا اذكر تحديدا عناوين لتلك المادة، لأنها لم تكن ذات اثر علي اطلاقا، اللهم الا اثر سلبي وذكرى مزعجة، حيث انها مادة دون مادة علمية، مادة لايرجوا من يدرسها لنا من ورائها الا ثمن تلك المذكرات التي يجبرنا على شرائها.
مادة عنوانها مضيعة المال والوقت !!!

من واقع احتكاكي بالطلاب ومعاناتي من تلك المشكلة في سنين الدراسة خطر على بالي، لم لا يتم تدريس مواد تكون مفيدة للطلاب في حياتهم المهنية والشخصية، تختصر عليهم كثيرا من مراحل التيه في مشاريع غير ذات جدوى او ربحية، كما  فيما يلي امثلة على تلك المواد:
  •  مهارات البيع: لا يوجد احد على وجه الأرض لايبيع. فالمتقدم لوظيفة ما يحاول ان يعرض نفسه بشكل جيد حتى يتم قبوله، الموظف يحاول ان يجمل فكرة لديه حتى تتبناها الأدارة، الطالب يحاول ان يجمل مشروعه حتى يحصل على مشرف جيد، الزوجة تحاول ان تقنع زوجها بغرض ما تود شراءه في البيت، الطفل يحاول ان يقنع ابيه بشراء لعبة ما.
    نحن نمارس البيع يوميا. ورغم ذلك نجد انها من اكثر الوظائف الغير محبوبة، فقط لأنها تعرضك لمواقف قد يتم رفضك فيها، ولأنها في كثير من الأحيان لا يكون لها دخل ثابت، في حين ان اعلى معدلات دخل عالميا هي معدلات من يعملون في المبيعات. رجال البيع هم عماد الأقتصاد في اي دولة، فهم من يتسببون في حركة البيع والشراء والتي هي انفاس ودقات قلب الأقتصاد. واخيرا فهي اهم مهارة لأي رايادي اعمال وصاحب مشروع جديد.
  • مبادئ التفاوض
  • ماهي ريادة الأعمال: الكثير من الشباب يكون متأثرا بتجربة الكثير من المشاهير مثل بيل جيتس، و ستيف جوبز وغيرهم من المشاهير الذين اسسوا الفيس بوك وجوجل وواتس آب، وغيرها من التطبيقات الناجحة. الكثير من الشباب المتحمس يتأثر بتلك التجارب ولايرى منها الا نجاحاتها، في حين ان ريادة الأعمال تجربة شاقة وصعبة ومليئة بالمخاطر والهزات العنيفة.
  • التفكير الحرج والتفكير خارج الصندوق: التفكير الأبداعي له اليات ومنهج علمي، وليس وليد الصدفة. هذه الآليات لم ننشأ عليها في مدارسنا العربية التي ترتكز الي الحفظ، واتباع المنهج وتحريم الخروج عن الأطار.
  • بناء فرق العمل: اول احتكاك للطالب المصري بمفهوم فرق العمل بيكون في مشروع التخرج، حيث تبدأ  المشاكل المتوقعة في اي فريق عمل جديد فضلا عن المشاكل الناتجة عن الاحتكاك بهذا المفهوم الجديد.
  • كيف تخطط (ماليا) لحياتك الشخصية والمهنية.
  • مبادئ ادارة المشاريع.
  • كيف يمكن الحصول على تمويل لأفكارك.
  • كيف تعد خطة عمل Business plan.
بالطبع هذه ليست عناوين نهائية، ولكنها افكار واطروحات، وهناك عناوين اخرى كثيرة. ايضا ليس كل عنوان منها يمثل مادة مستقلة، وانما كل ثلاث او اربع او حتى خمس عناوين يمكن ان يتم تدريسهم في ترم واحد تحت عنوان واحد.

الأهم من تلك العناوين ومن اختيارها، هو من سيقوم بتدريسها وكيف. نصيحتي ان يقوم بتدريسها استشاري او ريادي اعمال خارج الأطار الأكاديمي، قادر على نقل خبرته الشخصية للطلاب، وليس عضو هيئة تدريس لا يطمح من تدريس المادة سوى العائد المادي الذي يجنيه من بيع مذكراته التي لاقيمة لها اطلاقا. والأفضل لو كان خريج هذه الكلية.
كثير من رواد الأعمال لديهم استعداد ان يقوموا بهذه المهمة دون حتى اجر، او بيع لأي مادة علمية، الفائدة التي يجنيها من قيامه بذلك هو الأستفادة من الأحتكاك بعقول الطلاب وافكارهم والنقاش معهم،  انا شخصيا لدي هذا الأستعداد لأني خضت هذه التجربة ولمست الأستفادة التي اجنيها والأفادة التي اهديها.

رسالة لعمداء الكليات العملية ورؤساء اقسامها وخاصة الهندسة، ان يتبنوا هذ الفكر، ولن يبذلوا جهدا كبيرا في الوصول لرجال اعمال لديهم الدافع ان يقوموا بمثل هذا العمل دون اجر، ودون ان يبيع شئ للطلاب.

روابط ذات صلة:

- مقارنة بين حياة الريادي و الأنسان العادي.
- ست توصيات لرجال الأعمال للضغط على حكومات بلادهم لتشجيع ريادة الأعمال.
- استفزاز العقل.
- خطورة الأنسجام في فريق العمل.
- دليلك الي المقابلات الوظيفية.

الأحد، 5 أكتوبر 2014

قبل ان ابدأ في موضوع هذه التدوينة، فقد علق احد الأصدقاء على التدوينة السابقة، وقد ارسل لي قائلا انه لاحظ ان جميع الشركات التي اصحابها اعضاء في غرفة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات يحصلون على التمويل الخاص بمبادرة دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، في كل مرة !!!

في تدوينة قديمة لي عام 2012 ذكرت ملاحظات حول اداء الهيئة في سياسة المؤتمرات، كما اني في كل محفل او اجتماع تنظمه الهيئة اشير الي كل الملاحظات التي ذكرتها في تلك التدوينة.

سأعرض فيما يلي خبرتي مع الهيئة محاولا تسليط الضوء بشكل عملي ومبسط على سلوك الهيئة الذي ذكرته في المقال الأول (العمل في منطقة الراحة).  وسأعرض ما اراه صحيحا من منظروي، كما سأقدم بعض التوصيات لكيفية ادارة المؤتمرات وهي كلها لاتلزم تكلفة اضافية وانما تغيير الروح او الــ Attitude 
خبرتي في المؤتمرات والمعارض مع الهيئة كانت في محفلين، سأتكلم عن اهمهم و كان في فرنسا European ICT2008

هذا المؤتمر في نظري غاية في الأهمية، سافر من مصر الشركات التي لها اسهام بحثي، وكانت شركتنا قد نشرت اكثر من ورقة بحث في مجلات عالمية ومهمة، وعليه فقد تم اختيارنا مع 7 شركات اخرى. مساحات العرض داخل المؤتمر كانت للدول، والشركات الكبرى.، ومصر كانت الدولة العربية الوحيدة في هذا المؤتمر، وكان امرا مشرفا بحق.
مؤتمر على هذا الحجم كنت اتوقع ان يكون له اعداد ضخم وفائق، لكن ماحدث كان كالآتي:
  • قبل المؤتمر بفترة وجيزة تلقينا اتصالا من الهيئة يسألنا اذا كان لنا اسهاما بحثيا في مجال البرمجيات، وطلب منا ارساله على الأيميل، وبعدها بأيام قليلة تلقينا خبر انه تم اختيارنا.
    كان متبقي على ميعاد السفر اسبوعين، سارعنا الي السفارة الفرنسية وبعد مقابلة استثنائية حصلنا على فيزا استثنائية لفرنسا فقط، لأن الوقت لم يكن ليسمح بخروج فيزا (شنجن). هذا الأجراء استثنائي وكان يحتمل بقدر كبير الا نحصل على الفيزا.

    في خلال الأسبوعين درسنا ورش العمل التي كانت ملحقة بالمؤتمر واختارنا عدد من الورشات، لكن لم يكن هناك متسع من الوقت لمحاولة التواصل مع اي شركة هناك.
  • كان ضمن برنامج السفر، زيارة مركز ابحاث في فرنسا، وكان ذلك قبل المؤتمر بيوم واحد، ولأننا لم نكن نتوقع ان نستفيد من هذه الزيارة فقد آثرنا ان نذهب لمقر المؤتمر لنكتشفه، فنرى مكاننا ومكان الشركات الأخرى، ونحدد اي الشركات التي سنزورها ونحدد اماكن الورش التي سنحضرها، حتى لايكون هناك مفاجآت في اليوم الأول. لكن فريق عمل الهيئة لم يحرمنا من المفاجئة، فعند زيارتنا لمقرنا في المؤتمر، وجدنا ان من تقوم على ترتيب (البوث) هي سيدة ولا يوجد معها اي مساعدين، وكانت (محتاسة) في شغل العتالة اللي كان مطلوب في تنسيق (البوث)، بالطبع تخلينا عن مخططنا لهذا اليوم وقمنا بالعمل معها على (البوث) بأنفسنا (انا وشريكي في الشركة) حتى اتممنا العمل عليه وخرج في صورة مقبولة جدا.
    في حين لا اعلم اين كان بقية فريق الهيئة مع يقيني انه لم يذهب كلهم لمركز الأبحاث المذكور اعلاه.
  • في اليوم الأخير للمؤتمر لم نجد احد مطلقا على (البوث) ، وحين سألنا اين اختفى فريق الهيئة، علمنا انهم سافروا الي باريس للتسوق !!!! 
  • وبعد انتهاء المؤتمر والرجوع لمصر، لم نجد احد يسألنا عن جدوى الزيارة او اهمية تكرارها.
الأنطباع الذي تركه موظفي الهيئة لدي في هذا المؤتمر، هو انهم كانوا في فسحة لأوروبا، وممكن يعملوا شوية شغل بالمرة !!!
انا لا احاول ان اطيل الكلام او ان (ارغي) ، فهذا النوع من الكتابة ممل وشاق على النفس، لكني اسردها من باب النصح والحجة، لتعلم الهيئة كيف هو حال موظفيها، وادائهم، ان رغبت في الأصلاح واخلصت النية فيه.

انا لست خبيرا في تنظيم المؤتمرات، لكني سأتحدث ناصحا وموجها من واقع تجربتي الشخصية آملا ان يضيف اهل الخبرة ملاحظاتهم:

اولا: بالنسبة لمؤتمر  مثل European ICT.

هذا مؤتمر دولي تشارك فيه الدول بنفسها، وهو على قدر هائل من الأهمية خصوصا اذا كنا نريد ان نشارك في مبادرات مثل ITEA و Horizon2020. الشركات المصرية التي تشارك في هذا المبادرات هي في نظري الشركات التي لها قيمة علمية مضافة، وهي التي يمكن ان تنافس عالميا ان توفر لها الأمكانات، وهي الشركات الأولى بوافر الرعاية والدعم من الهيئة.
التخطيط لجدوى هذا المؤتمر يجب ان يكون على مدار 3 سنوات (اعني 3 مرات من المشاركة) على الأقل من المشاركة المخططة.

يبدأ التخطيط قبل المؤتمر بستة اشهر على الأقل، لدراسة توجه المؤتمر لذاك العام، والمواضيع المطروحة فيه، وبناء عليه يتم اختيار الشركات التي ستمثل مصر في هذا المؤتمر، ليكون امام الشركات  فترة بين ثلاث الي اربع اشهر قبل المؤتمر(كحد ادنى)، ليتمكنوا فيها من التخطيط والأعداد له والترتيب للقاءات ثنائية مع المشاركين في المؤتمر.
يشمل دور الهيئة ان تتواصل مع السفارة المصرية في البلد المستضيف للمؤتمر، ليقوم المحلق التجاري بالمساعدة في التنسيق للقاءات ثنائية مع شركات من البلد المستضيف، ويقوم السفير بنفسه بزيارة الشركات المشاركة في المؤتمر وهو امر لايقل اهمية عن اي عمل اخر. وقد اشرت في تدوينة (البعد الأستراتيجي للتسويق الدولي في صناعة البرمجيات) الي الدور الدبلوماسي المطلوب في تلك الأمور.

تعلمت في المؤتمرات ان اكون اول واحد بيدخل مكان المؤتمر واخر واحد يمشي منه على مدار كل ايام المؤتمر. تعلمت ان هناك فرص كبيرة في المواعيد الميتة، حيث تجد شخصا مشغولا وحريص على المؤتمر،  لم يجد فرصة لمتابعة فعاليات المؤتمر الا في الساعة الأخيرة ، من اليوم الأخير، فإذا جاء الي المؤتمر ولم يجد غيرك، ففرصة حصولك على عمل او صفقة معه كبيرة.

ثم بعد المؤتمر يأتي دور المتابعة لكل ماتم خلاله من انجازات او اخطاء، ومناقشة الشركات ومتابعة الفرص التي تم فتحها من خلاله، وعدد الصفقات التي ابرمت. ولايكون هذا الا بمتابعة تمتد على الأقل لفترة 6 اشهر بعد انتهاء المؤتمر.

اعتقد اني اتحدث عن منهج بسيط ومنطقي وغير مكلف (في اطار حجم العمالة الموجودة في الهيئة والميزانية السنوية المرصودة لها). الصعوبة تكمن في التفاصيل، والصعوبة تكمن في التواصل والمتابعة ... والخروج من العمل في منطقة الراحة.
وهي امور في نظري ليست صعبة اطلاقا على اي شخص ذو خبرة ومسئول.

غياب مثل هذه الرؤية على بساطتها هو غياب لأرادة العمل والأحساس بالمسئولية ، وغياب للكفاءات في منطقتي ادارة المشاريع، وتنظيم المؤتمرات والمعارض، وفي الأدارة العليا بطبيعة الحال، وهو تعريف لمفهوم العمل في منطقة الراحة التي ذكرناها في تدوينة سابقة.

 جيتكس و CeBIT

لم اشارك ابدا في هذه المؤتمرات مع الهيئة، لكني اتناقش مع اصدقاء لي شاركوا فيها، نفس الأداء مع مؤتمرات بضخامة جيتكس و CeBIT ، وكأن الرسالة الواضحة لحضور تلك المؤتمرات هو التواجد، التواجد وفقط، اثبات الحضور بلغة الحكومة، وليس الحصول على صفقات. ايضا يغيب عن الأعداد لتلك المؤتمرات اي تخطيط، حيث تبدأ فترة التسجيل على المؤتمر مع الهيئة قبل المؤتمر بفترة صغيرة لا تسمح بالأعداد اللازم له.
مثل هذه المؤتمرات، يصل عدد العارضون فيها احيانا الي بضعة الاف، من كل انحاء الدنيا، مما يجعل الأعتماد على عقد صفقات ناتجة عن زيارة شخص ما بالصدفة لجناح الهيئة في المعرض امرا يعتمد فقط على نظرية الأحتمالات !!!. وقد تصل للصفر او اللانتيجة !!!.
الشركات المشاركة في معرض الهيئة يجب ان يكون لها فترة لاتقل عن 3 اشهر قبل المعرض، لتقوم بالتواصل مع الجهات المشاركة في المعرض من زوار وعارضين، للترتيب لأجتماعات ثنائية داخل جناح الهيئة في المعرض. غير ذلك يصبح الأمر تسجيل حضور للشركات المصرية وتلميع كاذب لدور الهيئة.

نوع آخر من المؤتمرات.

احد الأمور الأخرى التي يجب ان تركز عليها الهيئة، هي المؤتمرات الصغيرة والمتخصصة والتي لايزيد العارضين فيها عن بضع مئات، واحيانا عشرات. هذه المؤتمرات يسهل فيها الحصول على صفقات وفقا لنظرية الأحتمالات، حيث يكون عدد العارضين قليل ما يزيد من احتمالية ان يمر الزائر على معظم اجنحة المعرض، وفي العادة تكون معارض متخصصة. هذه النوعية من المؤتمرات ناشطة جدا في الولايات المتحدة، ويمكن ايضا البحث عنها في كندا واستراليا والمملكة المتحدة. واعتقد اننا بحاجة الي موظف داخل القنصليات المصرية على درجة عالية من مهارات تطوير الأعمال يكون دوره البحث عن تلك المؤتمرات ومساعدة الشركات المصرية في التسجيل بها، وتيسير امورهم. ليس مطلوبا من الهيئة ان يكون لها تمثيل في تلك المؤتمرات، لكن دورها ان تساعد في الوصول الي تلك المحافل، ودعم السفر، ودعم المشاركة. اعلم جيدا ان هناك برامج دعم لمثل هذه الأمور، لكنه دعم مادي فقط، انا اتحدث عن دعم مادي ولوجستي.
اذا كان من الصعب التنسيق مع الخارجية والقنصليات التابعة لها، فلا اقل من ان يكون هناك موظف استشاري (حتى دون مكتب مؤسس خاص بالهيئة) في تلك الدول المذكورة، ويكون دوره التنسيق البحث عن تلك المؤتمرات والتنسيق لها ومرافقة الوفود المصرية. لدي في هذا الأمر رؤية مبدئية اتمنى ان اناقشها مع احد المسئولين في الهيئة (ان كانوا مهتمين) وربما اكتب عنها قريبا.

مؤتمرات محلية متخصصة.

تجربة مؤتمر microcom كانت رائعة من حيث الفكرة والبداية، وان كان ايضا ينقصها التخطيط بالشكل المذكور اعلاه. وهو نموذج لمؤتمرات تضم فقط شركات البرمجيات المصرية، واعتقد انه يمكن ان يتطور في خلال 5 سنوات ليصبح مؤتمر اقليمي يلحق به ورش عمل ومنتدى. لكنه توقف للأسف. !!!
الحاجة لمثل هذه المؤتمرات ملحة. معرض او مؤتمر مثل Cairo ICT غير كافي، وغير متخصص بالشكل الكافي، وهو مؤتمر تسيطر عليه شركات الموبايل وبضع شركات اخرى، ويختلط فيه شركات من قطاعات عريضة تحت تكنولوجيا المعلومات. ... نحتاج الي مؤتمر متخصص في صناعة البرمجيات.
كما ذكرت، فأن تجربة مايكروكوم كانت بداية جيدة لكنها توقفت، ارجو ان نستدعيها ونخطط لها بشكل جيد ونثابر عليها.

كلمة اخيرة

ان كنت ناصحا الهيئة، فلا اكثر من ان تهتم بتعيين موظفين كفئ في ادارة المشاريع والتسويق وادارة المعارض.

Subscribe to RSS Feed Follow me on Twitter!