الأحد، 5 أكتوبر 2014

قبل ان ابدأ في موضوع هذه التدوينة، فقد علق احد الأصدقاء على التدوينة السابقة، وقد ارسل لي قائلا انه لاحظ ان جميع الشركات التي اصحابها اعضاء في غرفة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات يحصلون على التمويل الخاص بمبادرة دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، في كل مرة !!!

في تدوينة قديمة لي عام 2012 ذكرت ملاحظات حول اداء الهيئة في سياسة المؤتمرات، كما اني في كل محفل او اجتماع تنظمه الهيئة اشير الي كل الملاحظات التي ذكرتها في تلك التدوينة.

سأعرض فيما يلي خبرتي مع الهيئة محاولا تسليط الضوء بشكل عملي ومبسط على سلوك الهيئة الذي ذكرته في المقال الأول (العمل في منطقة الراحة).  وسأعرض ما اراه صحيحا من منظروي، كما سأقدم بعض التوصيات لكيفية ادارة المؤتمرات وهي كلها لاتلزم تكلفة اضافية وانما تغيير الروح او الــ Attitude 
خبرتي في المؤتمرات والمعارض مع الهيئة كانت في محفلين، سأتكلم عن اهمهم و كان في فرنسا European ICT2008

هذا المؤتمر في نظري غاية في الأهمية، سافر من مصر الشركات التي لها اسهام بحثي، وكانت شركتنا قد نشرت اكثر من ورقة بحث في مجلات عالمية ومهمة، وعليه فقد تم اختيارنا مع 7 شركات اخرى. مساحات العرض داخل المؤتمر كانت للدول، والشركات الكبرى.، ومصر كانت الدولة العربية الوحيدة في هذا المؤتمر، وكان امرا مشرفا بحق.
مؤتمر على هذا الحجم كنت اتوقع ان يكون له اعداد ضخم وفائق، لكن ماحدث كان كالآتي:
  • قبل المؤتمر بفترة وجيزة تلقينا اتصالا من الهيئة يسألنا اذا كان لنا اسهاما بحثيا في مجال البرمجيات، وطلب منا ارساله على الأيميل، وبعدها بأيام قليلة تلقينا خبر انه تم اختيارنا.
    كان متبقي على ميعاد السفر اسبوعين، سارعنا الي السفارة الفرنسية وبعد مقابلة استثنائية حصلنا على فيزا استثنائية لفرنسا فقط، لأن الوقت لم يكن ليسمح بخروج فيزا (شنجن). هذا الأجراء استثنائي وكان يحتمل بقدر كبير الا نحصل على الفيزا.

    في خلال الأسبوعين درسنا ورش العمل التي كانت ملحقة بالمؤتمر واختارنا عدد من الورشات، لكن لم يكن هناك متسع من الوقت لمحاولة التواصل مع اي شركة هناك.
  • كان ضمن برنامج السفر، زيارة مركز ابحاث في فرنسا، وكان ذلك قبل المؤتمر بيوم واحد، ولأننا لم نكن نتوقع ان نستفيد من هذه الزيارة فقد آثرنا ان نذهب لمقر المؤتمر لنكتشفه، فنرى مكاننا ومكان الشركات الأخرى، ونحدد اي الشركات التي سنزورها ونحدد اماكن الورش التي سنحضرها، حتى لايكون هناك مفاجآت في اليوم الأول. لكن فريق عمل الهيئة لم يحرمنا من المفاجئة، فعند زيارتنا لمقرنا في المؤتمر، وجدنا ان من تقوم على ترتيب (البوث) هي سيدة ولا يوجد معها اي مساعدين، وكانت (محتاسة) في شغل العتالة اللي كان مطلوب في تنسيق (البوث)، بالطبع تخلينا عن مخططنا لهذا اليوم وقمنا بالعمل معها على (البوث) بأنفسنا (انا وشريكي في الشركة) حتى اتممنا العمل عليه وخرج في صورة مقبولة جدا.
    في حين لا اعلم اين كان بقية فريق الهيئة مع يقيني انه لم يذهب كلهم لمركز الأبحاث المذكور اعلاه.
  • في اليوم الأخير للمؤتمر لم نجد احد مطلقا على (البوث) ، وحين سألنا اين اختفى فريق الهيئة، علمنا انهم سافروا الي باريس للتسوق !!!! 
  • وبعد انتهاء المؤتمر والرجوع لمصر، لم نجد احد يسألنا عن جدوى الزيارة او اهمية تكرارها.
الأنطباع الذي تركه موظفي الهيئة لدي في هذا المؤتمر، هو انهم كانوا في فسحة لأوروبا، وممكن يعملوا شوية شغل بالمرة !!!
انا لا احاول ان اطيل الكلام او ان (ارغي) ، فهذا النوع من الكتابة ممل وشاق على النفس، لكني اسردها من باب النصح والحجة، لتعلم الهيئة كيف هو حال موظفيها، وادائهم، ان رغبت في الأصلاح واخلصت النية فيه.

انا لست خبيرا في تنظيم المؤتمرات، لكني سأتحدث ناصحا وموجها من واقع تجربتي الشخصية آملا ان يضيف اهل الخبرة ملاحظاتهم:

اولا: بالنسبة لمؤتمر  مثل European ICT.

هذا مؤتمر دولي تشارك فيه الدول بنفسها، وهو على قدر هائل من الأهمية خصوصا اذا كنا نريد ان نشارك في مبادرات مثل ITEA و Horizon2020. الشركات المصرية التي تشارك في هذا المبادرات هي في نظري الشركات التي لها قيمة علمية مضافة، وهي التي يمكن ان تنافس عالميا ان توفر لها الأمكانات، وهي الشركات الأولى بوافر الرعاية والدعم من الهيئة.
التخطيط لجدوى هذا المؤتمر يجب ان يكون على مدار 3 سنوات (اعني 3 مرات من المشاركة) على الأقل من المشاركة المخططة.

يبدأ التخطيط قبل المؤتمر بستة اشهر على الأقل، لدراسة توجه المؤتمر لذاك العام، والمواضيع المطروحة فيه، وبناء عليه يتم اختيار الشركات التي ستمثل مصر في هذا المؤتمر، ليكون امام الشركات  فترة بين ثلاث الي اربع اشهر قبل المؤتمر(كحد ادنى)، ليتمكنوا فيها من التخطيط والأعداد له والترتيب للقاءات ثنائية مع المشاركين في المؤتمر.
يشمل دور الهيئة ان تتواصل مع السفارة المصرية في البلد المستضيف للمؤتمر، ليقوم المحلق التجاري بالمساعدة في التنسيق للقاءات ثنائية مع شركات من البلد المستضيف، ويقوم السفير بنفسه بزيارة الشركات المشاركة في المؤتمر وهو امر لايقل اهمية عن اي عمل اخر. وقد اشرت في تدوينة (البعد الأستراتيجي للتسويق الدولي في صناعة البرمجيات) الي الدور الدبلوماسي المطلوب في تلك الأمور.

تعلمت في المؤتمرات ان اكون اول واحد بيدخل مكان المؤتمر واخر واحد يمشي منه على مدار كل ايام المؤتمر. تعلمت ان هناك فرص كبيرة في المواعيد الميتة، حيث تجد شخصا مشغولا وحريص على المؤتمر،  لم يجد فرصة لمتابعة فعاليات المؤتمر الا في الساعة الأخيرة ، من اليوم الأخير، فإذا جاء الي المؤتمر ولم يجد غيرك، ففرصة حصولك على عمل او صفقة معه كبيرة.

ثم بعد المؤتمر يأتي دور المتابعة لكل ماتم خلاله من انجازات او اخطاء، ومناقشة الشركات ومتابعة الفرص التي تم فتحها من خلاله، وعدد الصفقات التي ابرمت. ولايكون هذا الا بمتابعة تمتد على الأقل لفترة 6 اشهر بعد انتهاء المؤتمر.

اعتقد اني اتحدث عن منهج بسيط ومنطقي وغير مكلف (في اطار حجم العمالة الموجودة في الهيئة والميزانية السنوية المرصودة لها). الصعوبة تكمن في التفاصيل، والصعوبة تكمن في التواصل والمتابعة ... والخروج من العمل في منطقة الراحة.
وهي امور في نظري ليست صعبة اطلاقا على اي شخص ذو خبرة ومسئول.

غياب مثل هذه الرؤية على بساطتها هو غياب لأرادة العمل والأحساس بالمسئولية ، وغياب للكفاءات في منطقتي ادارة المشاريع، وتنظيم المؤتمرات والمعارض، وفي الأدارة العليا بطبيعة الحال، وهو تعريف لمفهوم العمل في منطقة الراحة التي ذكرناها في تدوينة سابقة.

 جيتكس و CeBIT

لم اشارك ابدا في هذه المؤتمرات مع الهيئة، لكني اتناقش مع اصدقاء لي شاركوا فيها، نفس الأداء مع مؤتمرات بضخامة جيتكس و CeBIT ، وكأن الرسالة الواضحة لحضور تلك المؤتمرات هو التواجد، التواجد وفقط، اثبات الحضور بلغة الحكومة، وليس الحصول على صفقات. ايضا يغيب عن الأعداد لتلك المؤتمرات اي تخطيط، حيث تبدأ فترة التسجيل على المؤتمر مع الهيئة قبل المؤتمر بفترة صغيرة لا تسمح بالأعداد اللازم له.
مثل هذه المؤتمرات، يصل عدد العارضون فيها احيانا الي بضعة الاف، من كل انحاء الدنيا، مما يجعل الأعتماد على عقد صفقات ناتجة عن زيارة شخص ما بالصدفة لجناح الهيئة في المعرض امرا يعتمد فقط على نظرية الأحتمالات !!!. وقد تصل للصفر او اللانتيجة !!!.
الشركات المشاركة في معرض الهيئة يجب ان يكون لها فترة لاتقل عن 3 اشهر قبل المعرض، لتقوم بالتواصل مع الجهات المشاركة في المعرض من زوار وعارضين، للترتيب لأجتماعات ثنائية داخل جناح الهيئة في المعرض. غير ذلك يصبح الأمر تسجيل حضور للشركات المصرية وتلميع كاذب لدور الهيئة.

نوع آخر من المؤتمرات.

احد الأمور الأخرى التي يجب ان تركز عليها الهيئة، هي المؤتمرات الصغيرة والمتخصصة والتي لايزيد العارضين فيها عن بضع مئات، واحيانا عشرات. هذه المؤتمرات يسهل فيها الحصول على صفقات وفقا لنظرية الأحتمالات، حيث يكون عدد العارضين قليل ما يزيد من احتمالية ان يمر الزائر على معظم اجنحة المعرض، وفي العادة تكون معارض متخصصة. هذه النوعية من المؤتمرات ناشطة جدا في الولايات المتحدة، ويمكن ايضا البحث عنها في كندا واستراليا والمملكة المتحدة. واعتقد اننا بحاجة الي موظف داخل القنصليات المصرية على درجة عالية من مهارات تطوير الأعمال يكون دوره البحث عن تلك المؤتمرات ومساعدة الشركات المصرية في التسجيل بها، وتيسير امورهم. ليس مطلوبا من الهيئة ان يكون لها تمثيل في تلك المؤتمرات، لكن دورها ان تساعد في الوصول الي تلك المحافل، ودعم السفر، ودعم المشاركة. اعلم جيدا ان هناك برامج دعم لمثل هذه الأمور، لكنه دعم مادي فقط، انا اتحدث عن دعم مادي ولوجستي.
اذا كان من الصعب التنسيق مع الخارجية والقنصليات التابعة لها، فلا اقل من ان يكون هناك موظف استشاري (حتى دون مكتب مؤسس خاص بالهيئة) في تلك الدول المذكورة، ويكون دوره التنسيق البحث عن تلك المؤتمرات والتنسيق لها ومرافقة الوفود المصرية. لدي في هذا الأمر رؤية مبدئية اتمنى ان اناقشها مع احد المسئولين في الهيئة (ان كانوا مهتمين) وربما اكتب عنها قريبا.

مؤتمرات محلية متخصصة.

تجربة مؤتمر microcom كانت رائعة من حيث الفكرة والبداية، وان كان ايضا ينقصها التخطيط بالشكل المذكور اعلاه. وهو نموذج لمؤتمرات تضم فقط شركات البرمجيات المصرية، واعتقد انه يمكن ان يتطور في خلال 5 سنوات ليصبح مؤتمر اقليمي يلحق به ورش عمل ومنتدى. لكنه توقف للأسف. !!!
الحاجة لمثل هذه المؤتمرات ملحة. معرض او مؤتمر مثل Cairo ICT غير كافي، وغير متخصص بالشكل الكافي، وهو مؤتمر تسيطر عليه شركات الموبايل وبضع شركات اخرى، ويختلط فيه شركات من قطاعات عريضة تحت تكنولوجيا المعلومات. ... نحتاج الي مؤتمر متخصص في صناعة البرمجيات.
كما ذكرت، فأن تجربة مايكروكوم كانت بداية جيدة لكنها توقفت، ارجو ان نستدعيها ونخطط لها بشكل جيد ونثابر عليها.

كلمة اخيرة

ان كنت ناصحا الهيئة، فلا اكثر من ان تهتم بتعيين موظفين كفئ في ادارة المشاريع والتسويق وادارة المعارض.

هناك تعليقان (2):

  1. انا من خلال عملى فى الجهات الحكومة أقولك للأسف ان حضور المؤتمرات خارج مصر او خارج القاهرة حتى هو نوع من أنواع المكافأة و زيادة الدخل لأن معظم الناس اللى بيسافروا بيكون هدفهم الPocket money وطبعا لو خارج القاهرة بيبقى قليل لو خارج مصر بيكون مبلغ كبير يعنى لما بيكون فيه سفر لمؤتمر خارجى بيكون فيه خناقات كتيرعلى مين اللى بيسافر لكن لو داخل القاهرة مبيكونش فيه مكافأت و بالتالى الناس بتهرب من حضور المؤتمرات الداهلية عشان كده الحكومة تفتق ذهنها عن نظام لحضور الموظفين للمؤتمرات حاجة زى قرعة الحج الحضور بيكون على أساس الأقدمية والسن و مين محضرش مؤتمر قبل كده بغض النظر عن جدوى حضور الموظف ده او هو بيشتغل ايه وطبعا الأمر ما بيخلاش من بعض الاستثناءات للحبايب يعنى فيه مدير يحب ياجامل موظف فطلعه مؤتمر وممكن تلاقى مؤتمر على IT يحضره موظف ميعرفش حتى يعنى ايه كمبيوتر بس هو اقدميته او ظروفه خلته يحضر
    أما عن التحضير للمؤتمر فدى مشكلة فى مصر كلها احنا مش بنبدأ نجهز لحاجة إلا لما المشكلة تحصل.
    للأسف احنا اتكلمنا فى الموضوع ده كتيرولازم يكون في شروط لفريق عمل المؤتمر منه انه يكون ممثل جيد لمصر و للجهة اللى بيشتغل فيها وانه يكون عنده خبرة او حتى فكرة عن الموضوعات اللى هايتكلم عنها المؤتمر بس هنا فى مصر الموضوع "سبوبة" :(

    ردحذف
    الردود
    1. متفق معك الي حد كبير ... لكن اعتقد ان الوضع داخل هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات ليس بهذه القتامة الشديدة، لازالت ارى انها من اقل الجهات فسادا في مصر، وهذا لايمنع ان بها فسادا وانه متنامي خصوصا بعد انهيار شكل الدولة السياسي.
      جانب مهم من المشكلة، ان نسبة كبيرة من التعينات في المؤسسات الحكومية يعتمد على العلاقات والواسطة وليس الكفاءة والجدارة والأهلية، لذلك ادائهم مزري ومحبط حتى لو حاولوا الأجتهاد.

      حذف

Subscribe to RSS Feed Follow me on Twitter!