الأحد، 7 سبتمبر 2014


تأتي هذه التدوينة بمثابة الحلقة الثانية في سلسلة التدوينات التي ساتناول فيها اداء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ايتيدا).
المقالة الأولى اشرت فيها بشكل عام للمشاكل الأساسية داخل الهيئة ، والمواضيع التي سأتناولها.

حجم المشاهدة للتدوينة السابقة لا بأس به، عدد من علقوا على التدوينة مباشرة قليل، لكن عدد من ارسلوا تعليقات ايجابية على البريد الأكتروني كبير، ومنهم وزير سابق.

اول مبادرة ساتكلم عنها هي مبادرة دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة SME initiative.
نشأت هذه المبادرة بعد ثورة يناير بأشهر بسيطة، وكانت اهدافها كما عرفها رئيس الهيئة حينها (م.ياسر القاضي) : اعطاء قبلة الحياة للشركات الصغيرة، خوفا من انهيار هذا القطاع.
البداية بدت مبشرة نسبيا، حيث اجتمع رئيس الهيئة ووزير الأتصالات مع عدد كبير من اصحاب الشركات في هذا القطاع، الأجتماع والأنصات منهم كانت هي البداية المبشرة. كثير من اصحاب الشركات وكنت واحد منهم، اغلظوا القول للهيئة، وكان م.ياسر واسع الصدر، وتقبل كل النقد برحابة نفس وامتص غضب الشركات.
المبادرة كانت عبارة عن تمويل قدره 100 الف جنيه للشركات التي ستتبنى فكرة ما. و 50الف جنيه للشركات التي ستسوق لمنتج لديها.
اسئلة الشركات -في جزء منها- تمحور حول المعايير التي سيتم عليها تمويل الشركات، وكانت الأجابات محبطة جدا. كل الأجابات دلت على ان المبادرة خرجت في عجالة دون تخطيط جيد. كل اجابات الهيئة كانت تلمح (تقريبا تصرح) ان كل الشركات ستحصل على التمويل، ووسط وضوح التلميح كان صعب على الشركات ان تستوعب ان الأمر بهذه البساطة ! لذلك كانت الأسئلة تتكرر وبناء عليه تتكرر نفس الأجابات التي كانت من شدة وضوحها تزداد غرابة وغموضا !!!.
احد العاملين في الهيئة تبرع وامسك بالميكروفون قائلا من ... "من الآخر احنا عاوزين نمول افكار صغيرة وسريعة وتكسب كتير، ... تطبيق موبايل ينزل على النت يكسر الدنيا" !!!! بالطبع قد يكون هذا الموظف قد تسرع وحاول ان يجيب على اسئلة الشركات بصورة مختصرة، لكنه ما كان ليجيب مثل هذه الأجابة الا اذا كانت تلك هي الأفكار التي يتم مناقشتها في اجتماعات الهيئة حول هذه المبادرة !!! وهذا امر اراه خطير ومحبط !!!.

البداية لم يكن فيها امر ايجابي سوى الأستماع والأنصات والحوار مع الشركات، وهو امر لم يتم بعدها حتى تاريخ هذه التدوينة على حسب علمي، والله اعلم.

استلمنا نموذج التقييم، وهو في رأيي نموذج كتب على عجل، وتوقعت ان يعقبه مقابلة مع الشركات لمناقشتهم فيما كتبوا وما ادعوه في نموذج التقييم، ولم يحدث. اعلنت النتائج ووجدت شركتنا بين الفائزين. حين راجعت قائمة الشركات التي حصلت على هذا الدعم، وجدت ملاحظتين:
  1. وجدت في القائمة شركات تركيب شبكات وتجميع اجهزة كمبيوتر، ولا علاقة لها بالبرمجيات، وانا اعرف هذه الشركات جيدا.
  2. وجدت شركات -في نظري- هم اكبر حجما بكثير من ان يتم دعمهم بمائة الف جنيه !!! اي انها شركات لا ينطبق عليها وصف (صغيرة او متوسطة)
الهيئة لاتستطيع ان تجد لنفسها الوقت اللازم لمقابلة الشركات، العمل في منطقة الراحة كما اشرنا في المقال الأول.

هذه الطريقة في التفكير والأداء تذكرني بطريقة تصرف الحكومة تجاه ازمة المحروقات ... كل ثلاثة اشهر تحدث الأزمة، فتتلقى الحكومة مساعدات من دول الجوار ، وهكذا منذ 2011، ولم تتقدم اي حكومة بأي تصور للحل. !!! وهو نفس منهج الحكومة تجاه ازمة الكهرباء. اتمنى الا تكون سمة ونهج واسلوب هذه الحكومة !!!


على المستوى الشخصي لم يكن في استراتيجية الشركة حين -اعلان المبادرة- تنفيذ ما اسماه العامل في الهيئة (تطبيق موبايل يضرب) وكانت لدينا رؤية للخروج بتطبيق سحابي Cloud، بالطبع تمويله لن يقتصر على الـ 100 الف جنيه، ولكننا وجدناها فرصة ان نوفر من بند التمويل الذاتي، وقدمنا الفكرة كما ذكرت وحصلنا على التمويل.

في يوم التقييم كان لدينا حالة قلق، لأننا كنا بصدد ان نشرح للسادة المقيمون ان ماتم تنفيذه هو جزء من استراتيجية لمنتج مدروس. رغم ان ماتم تنفيذه قد انفقنا عليه ضعف مبلغ التمويل.
كانت دهشتنا حين قابلنا العديد من زملاءنا من اصحاب الشركات في يوم التقييم ورأينا اعمالهم. كثير من هذه الأعمال، يمكن ان ننفذها بميزانية تقل عن 20 الف جنيه، انا بالطبع ادرك الفروق في المصاريف غير المباشرة بين الشركات، وادرك انني اتحدث عن شركات من نفس حجم العمل السنوي، ونفس حجم العمالة تقريبا، لذلك فالفروق بيننا لا تصل لهذا الفرق الشاسع !
 اما  عن جلسة التقييم فقد كانت سطحية جدا لا داعي للخوض فيها !!! ولا اعتقد ان احدا خرج منها غير موفق !!!
مرة اخرى عدت لأتذكر ان الهدف كان رمق الحياة للشركات الصغيرة، لكن يلاحظ هنا كيف ان بعض الشركات قد اخذوا نفس القيمة التمويلية لجهد اصغر بكثير. هنا المظلمة ياسادة !!!

اعقب هذه المبادرة خطوة كانت رائعة جدا كفكرة، لكنها ايضا نفذت على عجالة، وهي معرض مايكروكوم.
مايكروكوم جاء كمعرض للشركات التي استحقت التمويل، لتبرز المنتجات والأفكار التي خرجت بها. الفكرة بحق رائعة جدا جدا، لكنها ايضا تشير الي ضعف معرفة الهيئة بكيفية تنظيم مؤتمرات، رغم انه يفترض ان لديها خبرة طويلة في هذا الأمر.
في تدوينة قادمة -ان شاء الله- سأشير الي مآخذي على الهيئة في تنظيم المؤتمرات


المبادرة تكررت بعد ذلك، وتصورت ان يتم فيها تدارك الأخطاء السابقة، لكنه وللأسف تكررت نفس الأخطاء بل وزيادة !!! فيما يلي بعض الملاحظات على المرات التالية، والتي لم يتم قبول تمويلنا فيها.
    • نموذج التقييم السابق، والذي ارى انه كان سطحيا جدا، تم ارساله (هو نفسه) في المرة التالية، حتى ان تاريخ المبادرة الذي كان مكتوبا في بداية النموذج، كان مكتوبا بتاريخ المبادرة السابقة (تاريخ قديم). اي ان النموذج لم يتم النظر فيه ولو دقائق معدودة، وهو مايشير ايضا الي ان المبادرة لم تأخذ اي وقتا في التخطيط، والمراجعة.
    • للمرة الثانية حين نظرت في قائمة من حصلوا على التمويل وجدت اسماء شركات لاعلاقة لها بالبرمجيات، واخرى اكبر بكثير من ان تمول بــ 100الف جنيه.
    • لم يتم عمل معرض للشركات بعد انتهاء المنحة حتى تاريخ هذه التدوينة على حد علمي.
فيما يلي سأعرض تجربة الشركة الشخصية مع نفس المبادرة في السنة التالية، حيث ان تجربتنا تحوي بين سطورها دروس كثيرة مستفادة للهيئة.

فيما يلي سأقص ماحدث معنا في المبادرة الثانية، وليس الغرض من الحكي .. التشكي، فقد مر عليها قرابة السنة، ولكنه بغرض الدروس المستفادة، ويعلم الله اني ما اردت بهذا شكوى، بل اردت ان تستفيد الهيئة، نسأل الله اخلاص النوايا.
 المشروع الذي قدمناه كان امتدادا لما قمنا بتنفيذه في المبادرة الأولى، وقد بدأ المشروع يتضخم، واصبح اجراء الأختبارات عليه صعبا وطويلا. فكان لدينا الرغبة في ان نقوم بعمليات تكويد تقوم بميكنة عملية الأختبارات test automation . في اجتماع الشركة ذكر احد العاملين المخضرمين اننا لو تقدمنا للمبادرة على اننا سنقوم بعمليات test automation سيتم رفضنا، وانه الأولى ان نقوم بتطوير منظومة صغيرة اضافية على المنتج ونذكر انه منتج جديد. ونستهلك جزء من الميزانية في عمليات ميكنة الأختبارات. لعله نوع من التحايل المشروع لنتجاوز ضعف اليات التقييم !!!!
لكننا حسمنا امرنا ان نحضر جلسة الأستفسارات واتقدم بهذا السؤال. بالفعل حضرت جلسة الأستفسارات، واستفهمت اذا ما كان من الممكن ان نتقدم بهذا العمل في المبادرة وانه جهد برمجي وطويل. والأجابة كانت بالطبع نعم. ولأن من يجيب على الأسئلة ليس حتى عضوا في فريق التقييم ولا يشرف عليه بشكل مباشر، فهو يجيب بما يراه هو منطقيا، في حين ان منطق المقيم قد يكون مختلفا، وقد كان. !

هذا منحى، المنحى الآخر، اننا وجدنا شركات لا علاقة لها بالبرمجيات حاصلة على المنحة، كذلك شركات برمجيات اكبر من تأخذ المنحة كما ذكرت ... انا لا اشكك في نزاهة العاملين، لكنها تداعيات (العمل في منطقة الراحة) مرة اخرى. الهيئة لا تريد ان تزعج نفسها بمقابلة الشركات !!! فضلا عن يقيني في الخبرة القليلة للعاملين في منظومة التقييم وخاصة في هذه المبادرة.

كرد فعل على هذا ، حاولت ان اشتكي، وبالطبع اهلكوني في التليفونات، حتى اني راسلت مدير الهيئة، وحتى وزير الأتصالات. من باب الأنصاف فالوحيد الذي رد بعد 3 اسابيع من الشكوى دون مستمع، هو مكتب م.ياسر القاضي مدير الهيئة. رغم ان الرد كان جافا ومحبطا ، ( رد على شاكلة ان لدينا الية تقييم محكمة وفريق على اعلى مستوى!!!) المهم انه وبعد محاولات كثيرة للتواصل، تواصل معي شخصية لها وزنها داخل الهيئة واراد ان يقابلني.
حدث اللقاء ، وكان محوره هو محاولة تطييب خاطري دون تقبل المظلمة او اجراء اي عمل ايجابي.
فيما يلي بعض الأقتباس من الحوار بيننا.
انا:  يا (فلان) الناس اللي فازت غريبة ... اما شركات لا علاقة لها بالبرمجيات او شركات اكبر من ان تحصل على هذا المبلغ البسيط. ماحدش عندكوا بيراجع المكتوب في التقييم مبالغ فيه ام لا.
هو: عندك حق ، فعلا فيه شركات كده، منهم شركة (....) دي شركة كبيرة واسم كبير في السوق، بس هو قدم ورق رسمي يفيد انه شركة صغيرة ، وماقدرش اعمله حاجة !!!!
... وبعد مناورات حوارية...
انا: طب انا عاوز اقدم تظلم.
هو: مش هاقدر اقبل تظلمك لأن لو قبلته هافتح على نفسي باب تظلمات مش هايتقفل !!!!!

بالطبع ووسط غياب شكل الدولة في مصر، كان تصعيد الأمر هو اضرارا بمصالحي الشخصية وتضييع لوقتي.

الخلاصة والمضمون:
  • اموال هذه المبادرة تبدو وكانها ثقيلة على الهيئة، فهي تسعى للتخلص منها في سرعة دون تحري مصادر صرفها، هل هي لمستحقين ام لا.
  • هذه المبادرة هي الية تشبه الي حد كبير، اعتماد لمبات التوفير كحل رئيسي لأزمة الكهرباء!! هذه المبادرة لن تؤدي لشئ في نظري. وارى ان توجه هذه الأموال لدعم الــ start-ups من خلال مسابقات حقيقية، واليات تقييم دقيقة.
  • لا يمكن ان تقدم مظلمة في عهد الظلمات في اي مكان في الدولة، والهيئة لاتختلف في ذلك عن اي مؤسسة في الدولة.
  • لايوجد ابدا انصات، وان حدث فهو دون تدبر ، وانما بغرض التبرير وليس بغرض الحل. 
نسأل الله الأخلاص

0 comments:

إرسال تعليق

Subscribe to RSS Feed Follow me on Twitter!