الأحد، 6 سبتمبر 2009

من اكثر الأشياء التي يكرهها العميل وتجعله متحفزا ويكشر عن انيابه وقد يزمجر في أوقات أخرى هي:
 وثـــيـــقــــة الــــتــــســـــلـــيــــــم الــــنـــهــــائـــــي  Final Delivery Form
دعونا لا نكون متحفزين ضد العميل ، فهذه الوثيقة مزعجة عند كل الناس وفي كل المجالات الا انها ذات طبيعة أكثر خصوصية في مجال البرمجيات.!!!
بداية الأنزعاج من هذه الوثيقة يأتي من أن موقعها يقر ويفيد بإن الشركة المنفذة للمشروع قد أتممت عملها وانتهت من التزاماتها ، فهو إذن يقر مستحقاتها المالية ، وهو أمر يضع موقع الوثيقة في مكان المسؤولية امام مؤسسته أو شركته ومن هنا يأتي التحفز.
الا انه - وكما ذكرت - يكون التحفز أكثر حدة في مجال صناعة البرمجيات وتحديدا عند صناعة برنامج أو نظام مفصل Tailored Solution ، لأنه وكما عهدنا وكما ذكرت في مدونات سابقة ، فإنه بمجرد خروج النظام إلي النور تبدأ رؤية العميل وفهمه العميق للنظام بالظهور ، وتظهر كذلك الحاجة الي بعض التعديلات والأضافات .إذن الموقف الحاصل الآن هو ان الشركة المنفذة أنهت بناء النظام وفقا للطلبات الموثقة والموجودة في العقد ، وفي حين أن العميل يرى ان الطلبات الموثقة قد تمت وفقا لما جاء بالعقد تماما ، إلا انه يرى أيضا ان الرؤية التي كان يأمل في تحققها من تطبيق النظام لازالت لم تكتمل بعد !!!!!.
للأسف فإن بعض العملاء - وقد صادفتهم  كثيرا - يفترضون أن الفيصل بينهم وبين الشركة المنفذة هو تحقق الرؤية وليس اتمام العقد ، وقد يختلف معي في هذه النقطة القراء وحتى زملاء العمل ، ولكن دعونا لانقف عند هذه النقطة الآن وتعالوا نتعمق أكثر في نفسية العميل.
إن كان العميل يظن انه بانتهاء النظام وتسليمه ستنتهي علاقته بالشركة المنفذه وانه سيبدأ بجني ثمار النظام فهو مخطئ ، والأكثر خطأً هو الشركة المنفذه التي جعلته يظن ذلك. فالعميل ليس مخطئ في هذا الظن ، غير ان رجال البيع لدى الشركات المنفذه كثيرا ما يتمادوا في الكلام ويبالغوا في وصف الواقع بعد تطبيق النظام - وهو في رأيي نوع من الغش التجاري - وكثيرا ايضا ما نجد العميل يميل لتصديق الكلام المزين وقد يرفض ويستبعد الشركات التي تواجهه بواقع الأمور . لذلك فالشركات المنفذه امام تحدي مهم وهو اقناع العميل اثناء التعاقد بأن تسليم النظام هو أول خطوات تحقق الرؤية وليس نهايتها. وان تكلفة الطلبات المكملة للرؤية يجب ان يتم الأتفاق عليها اثناء التعاقد، اما بهامش مخاطرة تضيفه الشركة المنفذه ، او بتعاقدات جديدة صغيرة . لكن الثابت ان العميل يجب ان يدرك قيمة واهمية هذه الطلبات المكملة و انه يجب ان يدفع عنها. إذا ادرك العميل ذلك لن يكون لديه مشكلة في امضاء وثيقة التسليم.
موضوع وثيقة التسليم هذا ذكرني بما واجهته مع العملاء بخصوص هذه النقطة.
نسبة كبيرة من الشركات في عالمنا العربي تعيش في جو من تسلط القيادة واصطيادها لأخطاء موظفينها ، قد واجهت مدير ادارة رفض ان يوقع بالتسليم أو بمعنى ادق جادل بشدة في التسليم رغم اعترافه ان ما تم التعاقد عليه قد تم بالفعل ، وبمحاولة تفهم موقفه ادركت ان عليه ضغوط من رئيس مجلس الأدارة ، هذه الضغوط لا دخل لها بالنظام اطلاقا انما هو نوع من تسلط القيادة. فخاف ان يكون له مطالب بعد التسليم يترجمها رئيس مجلس الأدارة على انها قصور في رؤية هذا المدير وتقصير في العمل !!!!.

وقد الهمني الله كيفية التغلب على هذا الموقف ، فقد كان النظام قائم على برمجة مجموعة من المنظومات لإدارات مختلفة وقد كان لكل الأدارات مطالب إضافية لتحسين اداء النظام وقد كانت علاقاتي بالمدير التنفيذي للمكان جيدة فأقنعته بأن يعتمد ميزانية معقولة لهذه التعديلات ولما ان اعتمدت هذه الميزانية ، ذهبت لمدير الأدارة هذا الذي رفض الأستلام ، واعلمته ان مطالبه ستنفذ دون نقاش لكن أولا يجب ان يستلم العمل وستكون اول إدارة في المكان تستلم النظام وتعمل به وهي نقطة ستكون لصالحك وليست عليك، وبمجر ان قامت إدارة بالأستلام سهل على بقية الأدارات ان تستلم قدوة بالإدارة الأولى.

هذه بعض القصص عن تجربتي في هذا المضمار ، دعونا الآن نخرج ببعض التوصيات:
  • عند امضاء العقد يجب ان يذكر فيه معاملات التسليم أو ما نسمية Delivery metrics بحيث عند تحقق هذه المعاملات وجب التسليم.
  • لا يوجد عملية تسليم نهائي تتم من أول مرة ، إذ لابد من عملية تسليم مبدئي ، حتى لو كان النظام كاملا ، فذلك يكسر حاجز الخوف عند العميل.
  • لاتجعل الأطار الزمني بين عملية التسليم المبدئي والتسليم النهائي كبيرة ، إذ كلما زادت المدة الزمنية كلما زاد تعليقات العميل وطلباته.
  • قم بتجزيء عملية التسليم الي اجزاء صغيرة او الي اكثر من عملية تسليم صغيرة للمنظومات المكونة للنظام. ثم بعد ذلك قم بعملية تسليم نهائي بناء على مجموع عمليات التسليم التي قمت بها.
  • قم بالتجاوز عن بعض طلبات العميل الصغيرة واستخدم هذه المرونة في التفاوض.
  • في النهاية لا تخسر عميلك في عملية التسليم ، فكثيرا من المشروعات فشلت عند هذه المرحلة.

قبل ان اختم اود ان اميز بين ما يمكن ان نسميه قلة مرونة عند العميل في عملية الأستلام وبين ضعف خبرة محلل الشركة الذي لم يستطع ان يجمع طلبات العميل بشكل كافي.
بعض المحللين يستعجلوا عملية التعاقد فيقوموا بانهاء وثيقة التحليل بسرعة وبالتالي يكتب وثيقة فنية ضعيفة ، اذا اضطررت كشركة ان تكتب وثيقة ضعيفة فقم بتغطيتها بهامش مخاطرة مالي عالي حتى تستطيع ان تكون اكثر مرونة مع العميل بعد ذلك. واذا لم تفعل ذلك فكن امين مع نفسك ومع الله و لاتحمل اخطائك للعميل.

روابط ذات صلة:

هناك تعليق واحد:

  1. مقالات مفيدة جدا جدا يا بشمهندس
    ربنا يجعلها في ميزان حسناتك

    ردحذف

Subscribe to RSS Feed Follow me on Twitter!