الأربعاء، 31 ديسمبر 2014


في الجزء الأول تعرفنا على كيفية بناء نموذج مرن لإدارة وتوقع التدفقات النقدية المستقبلية في مشروعك او شركتك. قبل ان تبدأ في بناء هذا النموذج فمن المفترض ان يكون لديك خطة عمل Business plan وهي تصف امور كثيرة حول مشروعك، منها حجم السوق الذي تستهدفه، وقدراتك في الأستحواذ على نسبة من هذا السوق وتوقع لهذه النسبة، حيث ان هذه الأمور هي التي ستشكل الأساس الذي ستبني عليه التدفقات النقدية الواردة.
ايضا يتوقع من خطة العمل ان تتضمن وصفا -ولو مختصرا- لاقتصاديات السوق الذي تعمل به في غضون السنوات القليلة القادمة.

كلنا نعلم انه لا يوجد مشروع ما ينمو بصورة خطية ثابتة.... ذلك ان الأسواق والأقتصاديات نفسها لا تسير بوتيرة ثابتة. العديد من المفاجئات يحدث وبشكل شبه دوري في كل انحاء العالم...


  • الأزمة المالية العالمية سنة 2008 خلفت ركوداَ اقتصادياَ رهيباَ في كل العالم وخاصة اوروبا وامريكا. على المستوى الشخصي، فقد تم الغاء ثلاث عقود عمل كبيرة معنا مع ثلاث شركات من دول اوروبية.
  • ثورات الربيع العربي، وعدم الأستقرار السياسي والأقتصادي في العديد من دول المنطقة العربية، اثرت حتى على الدول المجاورة لهم.
  • اي تذبذب في سعر البترول يؤثر في اقتصاد العالم ككل. ورأينا كيف اثر هذا الأنخفاض الأخير في اسعار البترول على احد اكبر اقتصاديات المنطقة العربية والعالمية، لتتحول من فائض دائم في الميزانية السنوية في الأعوام الماضية الي عجز كبير هذا العام !
  • اي كارثة طبيعية (تسونامي او زلزال) يضرب منطقة الشرق الأقصى، يؤثر بشكل رهيب في اسعار مكونات الحاسب الآلي، وبالتبعية يؤثر بشكل رهيب في ثلاث او اربع من اكبر اسواق المال في العالم.
هذه نماذج من امور يصعب او لايمكن التنبأ بها، لكن من ناحية اخرى فيمكن ايضا ان تواجه الآتي:
حين تقوم بعرض مشروعك على مستثمر ما، فتوقع ان يخوض معك في هذه التفاصيل، وكن مستعدا للإجابة عن كل منها بموضوعية واستنادا الي دراسات. توقع الأسوأ دائما ... هل قرأت مسبقا عن ظاهرة البجعة السوداء.

حين تبدأ في العمل على نموذج التدفقات النقدية المشروح في الجزء الأول من هذه السلسلة، قم ببناءه وفقا لمعطيات السوق الحالية والحالة الراهنة للأسواق التي تعمل بها او تستهدفها، والمخاطر المتوقعة في هذه البيئة، ولنسم هذا النموذج بالخطة الأمثل . اذا كانت التدفقات النقدية والأرقام في هذه الخطة تنبئ بمشروع جيد العائد، فيمكنك البدء بالبحث عن مستثمر. اما اذا كانت الأرقام لاتعطي صورة جيدة عن الأستثمار، فأنصحك بالتوقف واعادة النظر في الفكرة او نموذج العمل، والبحث في التعديلات المطلوبة كي تتحسن هذه الأرقام. ... انصح بالقراءة في مفهوم Lean startup.



اذا كانت المؤشرات جيدة في الخطة الأمثل، فانتقل الي بناء الخطة المتحفظة، وهي التي تعيد فيها تقييمك للمخاطر، فتزيد من قيمتها وتأثيرها، وتعيد تقييم تدفقاتك النقدية الواردة فتقلل منها، باعتبار ان الأداء البيعي والتسويقي سيأتي بنتيجة ضعيفة نسبيا. هذا النموذج يوضح مدى قدرة مشروعك على الصمود في وجه متغيرات السوق التي قد تحدث بشكل مفاجئ، كما انها ايضا توضح الحد الذي يمكن عنده ان ينهار المشروع. هذا النموذج مهم جدا، وهو في الغالب النموذج الذي ستقوم حوله معظم المناقشات مع المستثمر.

يأتي بعد ذلك ان تقوم ببناء النموذج المتفائل، وهو النموذج الذي يفترض استقرار او تحسن في معطيات السوق، ويجب ان يكون هذا الأفتراض مبني على دراسة وليس تفائلا فقط. كما انه يقوم على توقع متفائل ايضا لحجم المبيعات، وايضا يجب ان تكون تقديراتك موضوعية ووفقا لدراسة. هذا النموذج يعطي املا وخاصة لبعض المستثمرين الذين تغريهم الأرقام الكبيرة في العوائد على المشروعات.




هناك ايضا سبب هام يدفعك لبناء النماذج الثلاثة، وهو ان الشركة لن تسير على نمط واحد او نموذج واحد من هذه النماذج، فربما تبدأ الشركة في سنتها الأولى على النموذج المتحفظ، ثم في عامها الثاني والثالث على النموذج الأمثل، ثم تنتقل الأمور للأحسن. على سبيل المثال، فأنا شخصيا اعمل في مجال التطبيقات السحابية، وفي هذا المجال، فإن المبيعات تبدأ في بداية المشروع متباطئة جدا، ثم تبدأ في التحسن، حتى تصل لمرحلة نمو اُسي (نمو متسارع). وبالتالي فوجود ثلاث نماذج يعبر بشكل افضل واكثر دقة عن مراحل المشروع.
فيما يلي مثال عملي لأحد المشاريع التي اسعى لجذب تمويل لها. كما نرى في الشكل، فإن الثلاث خطط او نماذج لم تكن فقط لاستعراض قدرة صمود المشروع امام التغيرات والمخاطر، بل ايضا لمحاكاة شكل نمو الشركة ومبيعاتها على مدار خمس سنوات.

عند بنائك للثلاث نماذج ستلاحظ الآتي:
النموذج المتحفظ سيتطلب قدرا اكبر من التمويل، لأن الفترة التي ستحتاج بها غطاء مالي لتغطية مصروفاتك ستطول. وبالتالي فعليك ان تفكر وان تقرر على اي خطة ستطلب التمويل.

هناك خطأ شائع عند بناء الثلاثة نماذج، حيث يقوم البعض بتغيير الواردات من خلال المبيعات فقط، ويجعل التكاليف ثابتة في الثلاثة نماذج. وهو امر غير دقيق. فكلما زادت المبيعات زادت النفقات بالتبعية، فقد تحتاج لعمالة اكبر ودعم فني ...الخ.

حينما تنتهي من الثلاث خطط، قم برسم الرسوم البيانية الآتية، حتى يمكنك الشعور والأحساس بالفرق بين الثلاث خطط.
1- رسم بياني يوضح الفرق في معدل نمو المبيعات في الثلاث خطط.
2- رسم بياني لكل خطة يوضح فيه (المبيعات، النفقات، حاصل طرح (المبيعات - النفقات)، الأرباح السنوية المرحلة)

فيما يلي نماذج لهذه الرسوم من واقع الخطة التي اعمل عليها.





اقرأ ايضا...

كيف تعد خطة مالية لمشروعك الناشئ - الجزء الأول- انشاء نموذج للتدفقات النقدية.

نفس المقالة على المدونة الأنجليزية

0 comments:

إرسال تعليق

Subscribe to RSS Feed Follow me on Twitter!